إننا للمرة الألف نقول :
لا وحقّ الضوء ..
من هذا التراب الحُرِّ
لن نفقد ذرّه !!
إننا لن ننحني ..
للنار والفولاذ يوماً ..
قيد شعرَه !!
توفيق زياد
ستظل القضية الفلسطينية محفورة ليس في الذاكرة فقط، بل إنها محفورة في قلوبنا ووجداننا منذ نعومة أظافرنا، ونحن أطفال في المدارس عرفنا فلسطين بأنها بلد عربي محتل، شُرِّدَ شعبها في أصقاع الأرض الواسعة بعد ما مارست العصابات الصهيونية القتل والإرهاب وكافة أشكال العنف منذ عام 1948 بحق الشعب الفلسطيني، وفي البحرين نعتز بأننا تعلمنا على أيدي مدرسين فلسطينيين في مختلفة المراحل التعليمية، لهذا ستبقى القضية الفلسطينية حيّة في قلوبنا طالما بقي الاحتلال جاثماً على صدور الشعب الفلسطيني الشقيق ومحتلاً أرضه.
هذا الكلام ليس عاطفياً أو إنشائياً، وإنما هو خارج من القلب، مهما تكالبت على قضية فلسطين المؤامرات والدسائس من قبل بعض العرب، الذين أصبح العدو الصهيوني صديقاً لهم، لكي ترضى عنهم الإمبريالية الأمريكية، ولكن الشعوب العربية ترفض سياسة التطبيع معه مهما كانت الظروف، وخير مثالٍ على ذلك موقف الشعبين المصري والأردني بعد مضي أكثر من اثنين وأربعين عاماً على توقيع ما تعرف ب “معاهدات السلام” مع العدو الصهيوني، حيث يرفضان كافة أشكال التطبيع مع الصهاينة القتلة، وهذا ما أكدّت عليه قبل أشهر سفيرة الكيان الصهيوني في مصر، عندما صرَّحت للصحافة بأنها غير مرحب بها على الصعيد الشعبي ولا توجه لها دعوات في العديد من الفعاليات الرسمية وغيرها، مما يؤكد بأن الشعوب العربية ليست مع التطبيع مع العدو الصهيوني، حتى لو طبّعت معه الحكومات.
فالقضية الفلسطينية اليوم ليست قضية عربية أو إسلامية، وإنما هي قضية إنسانية وأممية، لهذا يتضامن معها كل أحرار العالم ويدينون إرهاب وعدوان الكيان الصهيوني، بالرغم من محاولات الماكنة الإعلامية الصهيونية العالمية منع نشر مايجري في الأراضي الفلسطينية من عدوان وحشي وقتل الإنسان وتدمير البنية التحتية في قطاع غزة، وتمنع بعض التغطيات من عرضها في بعض وسائل “السوشيال ميديا”، مثل الفيسبوك وانستغرام، لكن هناك العديد من التطبيقات والبرامج التي تعري أكذوبة النظام الصهيوني ب “الدفاع عن النفس” وهو الذي يمارس سياسة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
الاحتلال الصهيوني هو أقدم احتلال استعماري في العصر الحديث، قائم على الفصل العنصري، فهو لا يختلف عن النظام البائد في جنوب افريقيا الذي سقط في عام 1991، نظام يحكم باسم الديانة اليهودية التي حوّلها إلى قومية، فيما المعروف أن الدين ليس قومية مثلما يدعي الصهاينة، الذين يدّعون بأنهم شعب الله المختار، وأن أي نقد يوجه لهم هو معاداة للسامية، مبتزين العالم خاصة في بعض البلدان الأوروبية كألمانيا، التي لازالت تدفع مليارات الدولارات سنوياً للكيان الصهيوني تعويضاً عن ما اقترفه هتلر إبَّان الحرب العالمية الثانية باليهود فيما يُعرف “الهولوكوست”، في الوقت الذي اقترف الكيان الصهيوني وعصاباته مجازرَ وجرائمَ بحق الشعب الفلسطيني منذ قيام الكيان الصهيوني في 15 مايو 1948 حتى هذه اللحظة لا تقلّ في بشاعتها ووحشيتها عما فعل هتلر في “الهولوكوست”، ولا يلتزم هذا النظام العنصري بأي قرار دولي يلزمه بتنفيذه منذ قيامه حيث يسنده في ذلك الإمبريالية الامريكية التي بدون دعمها لن تقوم له قائمة .
منذ أن بدأت احتجاجات الفلسطينيين في حي الشيخ جرَّاح في القدس الشرقية المحتلة في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، ضد إخلاء بيوتهم لصالح المستوطنين الصهاينة، فهدف الكيان الصهيوني بناء 200 وحدة سكنية لإسكان مستوطنين يهود وسط هذا الحي العربي، ما تسبب في وقوع صدامات بين الشباب والأهالي الفلسطينيين في الحي والمستوطنين المدعومين بقوات الاحتلال الصهيوني، وتضامن معهم الأهالي في مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة وأبناء الشعب الفلسطيني في أراضي عام 1948، فشُكلت وحدة وطنية فلسطينية في الهدف للتصدي للعدوان الصهيوني، تجسدت في كل أرض فلسطين التاريخية، وتسارعت الأحداث بعد أن حاولت قوات الاحتلال الصهيوني فكّ الاعتصام في حي الشيخ جرَّاح وباب العمود في القدس الشرقية والاعتداء على المصلين في المسجد الأقصى ومحاولة اقتحامه أكثر من مرة.
بعد تلك الاعتداءات الوحشية من قبل قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين الصهاينة، حذرت المقاومة الفلسطينية في غزة بأنها سوف تقصف تل أبيب والمدن والمستوطنات الصهيونية، ثم أطلقت آلاف الصواريخ من القطاع باتجاه دولة الاحتلال، التي ردت بشكل همجي على الأبرياء من المدنيين حيث كان أكثر الضحايا الشهداء من النساء والأطفال والشيوخ وآلاف المصابين والجرحى، ولم تسلم الأبراج والمباني ومقرات الأمن والشرطة من القصف، في تحدٍّ سافر لكل الاحتجاجات والتظاهرات التي خرجت في العديد من المدن العربية والعالم منددة بتلك الاعتداءات الوحشية .
نعتقد بأن معادلة الصراع سوف تتغير لامتلاك المقاومة الفلسطينية آلاف من الصواريخ التي يعجز الكيان الصهيوني من التصدي لها وهي تخترق أجواء الكيان وتدك مدنه والمستوطنات ولم يستطع إيقافها ب “القبة الحديدية”، وبوحدة الشعب الفلسطيني وصموده ودعم الأشقاء العرب له وأحرار العالم، نصرة لنضال الشعب الفلسطيني الشقيق من أجل إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس، وحق عودة اللاجئين وغيرها من حقوق الفلسطينيين المشروعة.
إن مطلب الشعوب العربية، بما فيها شعبنا البحريني هو وقف كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني وطرد سفراء الكيان الصهيوني من عواصم البلدان العربية المطبعة، ففي التطبيع خروج على قرارات كل القمم العربية الماضية، ومساعدة مجانية للكيان الصهيوني وتشجعه على التمادي في عدوانه على الشعب الفلسطيني، كما يتوجب على السلطة الفلسطينية إلغاء إتفاقية أوسلو ووقف التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني، فالوحدة الوطنية والمقاومة أصبحتا اليوم خياراً واضحاً لكل أحزاب وفصائل الشعب الفلسطيني في مواجهة آلة الحرب والقتل الصهيونية .