إنّ الصورة المترسخة في ذهنية الأكثرية من الاخوة العرب للانسان الخليجيّ هو ذاك الانسان “البالغ الثراء والجهل” ولسنا بحاجة الى كبير عناء لادراك الصورة بحذافيرها فيمكن لمسها بوضوح لمن تشاء ظروفه التواجد في احدى البلدان العربية.
السؤال لماذا هذا الربط التعسفي بين الانسان الخليجيّ وبين الثراء النفطي كما لو كان لعنة لا يراد الفكاك منها؟ “. انّه من لوثه النفط وهو من خلعت عليه الصحراء ثوبها الغباري بحسب اديب عروبيّ وهو من يختزن النفط في خصيتيه” طبقا لشاعر عربيّ معروف.. وهو من نسجت عقله الخرافة والقابع في عصور الظلمات. الي غيرها من مفردات الهجاء إلى الحدّ الذي صورته بكائن متخلف يعيش خارج العصر. المأساة انّ كل هذه الأوصاف تطلق بصيغة تعميمية ولا توفر أحداً.
واستذكر هنا انّ باحثا خليجيّا مرموقا هو الدكتور محمد الرميحي كان اصدر قبل عقود كتابا في غاية الاهمية حمل عنوانا لافتاً: “الخليج ليس نفطاً” حاول من خلاله تقديم صورة مغايرة لانسان الخليج بخلاف ما استقرت عليه في المخيلة العربية. عنوان الكتاب صار علامة فارقة توحي بفكّ الترابط الذي بدا وكأنّه أبدي بين الثروة النفطية والشعب العربيّ في الخليج. وهو من جهة اخرى يمثل صرخة احتجاج على التجاهل الطويل للعربيّ في الخليج انسانا وانجازات .
كان يفترض التعامل ازاء الظاهرة النفطية بكونها ظاهرة عابرة كما هو الحال بالنسبة للأمم الأخرى كبريطانيا مع ثروة الفحم” والبقاء دوما هو للجغارفيا والتاريخ والانسان “القراءة الموضوعية المنصفة للإنسان الخليجيّ هي مناقضة تماما لتلك المتكونة لدى الآخرين، ومن بينهم لبالغ الاسف ينتمون للامة العربية. والاّ من بوسعه ان يتجاهل الدور المهم الذي تمثله كفاءات وطاقات خليجية رسخت وجودها علي المستوى العربيّ وحتى العالميّ .
من المسؤول عن تكريس هذه الصورة الشوهاء التي لا تبرح المخيلة العروبية والتي تشوبها نزعة احقاد دفينة في اغلب الاحيان . الكثيرون من ابناء الخليج يفيضون نبلا وشهامة وانسانية ولا ادّل على هذا انه في الاوقات العصيبة والمنعطفات الصعبة كان ابن الخليج داعما ومساندا ومؤازرا لاشقائه العرب . ونستحضر هنا اشادة الزعيم جمال عبد الناصر بمواقف شعب البحرين ابّان ازمة السويس.
لا شك انّ الاعلام بشقيه السمعي والمقروء والقنوات الفضائية جميعها أسهمت بنصيب كبير في قلب الصورة واشاعة الاكاذيب لدى الآخرين وبينهم للاسف اخوة اشقاء . اضافة الى من استهوتهم وانطلت عليهم ما عرف ب “نظرية المركز والاطراف”، وبمرور الزمن ترسخ لديهم أنهم يشكلون المركز والاقطاب لاي حركة ابداعية اما الآخرون فهم متطفلون مهما كانت منجزاتهم الفكرية والادبية .
لكن من يتأمل المنجز العلمي والثقافي للانسان الخليجيّ في السنوات الفائتة تحديدا سيدهش بما تحقق من مستوى ابداعي، لكن المؤسف انه رغم هذا فانه يبقى محكوما بالنظرة ذاتها. وكما اشار الرميحي “ان مجتمات الخليج خاضعة لقانون اجتماعي في القيم والمفاهيم لا تتناسب سرعتها مع التغيرات في الواقع الاقتصادي