في مثل هذه الأيام قبل ثلاثة وسبعين عاماً شرعت القوى الاستعمارية في تنفيذ جريمتها الكبرى على أرض فلسطين، حين قدّمت الضوء الأخضر للعصابات الصهيونية للمضي في تنفيذ مشروعها الإجرامي باغتصاب الأرض الفلسطينية من أهلها، وتشريده إلى بقاع الدنيا وإحلال المهاجرين الصهاينة في المدن والقرى الفلسطينية، ناهيك عما ارتكبته هذه العصابات من مجازر وسفك لدماء الفلسطينيين، وسط عجز وخذلان الأنظمة العربية وتواطؤ البعض الآخر منها، مما هيأ للنكبة أسبابها، وأتاح للمشروع الصهيوني التمدد والتغول، حيث أمعن في احتلال أراض عربية أخرى غير فلسطين وضمها إلى الكيان المحتل.
واليوم إذ تمر هذه الذكرى الأليمة، فإن مشهد الصراع الفلسطيني الصهيوني يتكرر وببشاعة أكبر في ساحات الأقصى والحرم المقدس وحي الشيخ جراح ومدينة القدس، وفي غزة ورام الله وكافة المدن الفلسطينية، حيث تقوم قوات الاحتلال ومعها قطعان المستوطنين باستباحة حرم الأقصى والاعتداء على المصلين الآمنين مما تسبب في سقوط العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى، علاوة على ارتكاب جرائم التطهير العرقي من خلال التهجير القسري وإخلاء 28 منزلاً يقطنها 500 مواطن فلسطيني في حي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة تمهيداً لإقامة وحدات استيطانية صهيونية. في الوقت نفسه يقوم الطيران الحربي الصهيوني بارتكاب المجازر الدموية في غزة وتدمير المنازل على الأطفال والنساء والشيوخ مما أسقط المئات من الشهداء والضحايا بحجة الرد على قيام المقاومة بقصف المدن المحتلة بالصواريخ نصرة لانتفاضة أبناء الأقصى وانتقاما من جرائم الاحتلال ضدهم.
إن الجمعيات السياسية إذ تحي باعتزاز البطولات الملحمية والصمود الأسطوري لأبناء القدس الشريف وحي الشيخ جراح ضد جرائم الاحتلال، كذلك المقاومة الباسلة لأبناء غزة وكافة المدن الفلسطينية، كما تحي الانتفاضة الشعبية الواسعة في القدس الشريف والتي تظهر بجلاء الطاقات النضالية العظيمة التي يختزنها الشعب الفلسطيني، فإنها ترى إن هذه المقاومة الشعبية هي السبيل الوحيد لدحر الاحتلال الصهيوني واستعادة الحقوق الوطنية المغتصبة.
إن هذه الانتفاضة الباسلة توجه رسالة واضحة إلى الكيان المحتل وقواها العسكرية والأمنية ومستوطنيها، بأن مدينة القدس بحواضرها الشريفة تُختصر قضية فلسطين بكل ابعادها الوطنية والقومية والإسلامية والإنسانية. فهي ليست عاصمة أبدية للشعب الفلسطيني فحسب، بل هي أيضاً أرض الإسراء والمعراج وحق أهلها بها غير قابل للتصرف وغير قابل للتفاوض على قسمتها. وإن محاولات الصهاينة اقتحام الأقصى ستسقطها قبضات المقاومين الذين يتصدون للعدو ويضعون الدفاع عن الأقصى بعتباته وحرمه وبواباته على مستوى الحياة أو الموت.
كما توجه هذه الانتفاضة الباسلة رسالة للأنظمة العربية المطبعة مع الكيان، الذي هو قائم أولاً وأخيراً على الاحتلال القسري لأراضي عربية، وقائم على البطش والعدوان، وعلى الفصل العنصري، وهو بذلك كيان عنصري دخيل على المسار الإنساني للأمم ولا يمتلك أي مقومات كيان الدولة التي يمكن التطبيع معها بأي شكل من الأشكال. بل إن هذه الكيان الغاصب هدفه أن يتخذ من اتفاقيات التطبيع ستاراً لتكريس نهج الاحتلال وتهويد الأراض المغتصبة واغتصاب كامل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ورسالتها الثالثة التي توجهها الانتفاضة هي إلى قوى الثورة الفلسطينية بأنه آن الأوان للخروج من دوامة الصراع على السلطة، والارتقاء بالعلاقات الوطنية الفلسطينية إلى مستوى التحدي المصيري الذي تخوضه الجماهير الفلسطينية ضد العدو الذي أطلق العنان لمستوطنيه للاعتداء على المصلين الذين يأمون الأقصى للتعبد في شهر رمضان المبارك.
والرسالة الرابعة توجهها إلى المجتمع الدولي الذي بصمته وتغاضيه عن جرائم العدو الصهيوني بات يشكل غطاء دولياً لهذه الجرائم، بل إن الولايات المتحدة ودول الغرب راحت تتبجح بحق هذا العدو في الدفاع عن نفسه والتزامها بتوفير أمنه، وهي بذلك تسير على خطى استكمال اتفاقية صفقة القرن المشؤمة التي أطلقها الرئيس ترامب، لكن بات يتواصل تنفيذها في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة برغم دعاويها الزائفة عن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.
إن الجمعيات السياسية في البحرين وإزاء استشعارها بمسئولياتها الوطنية والقومية، وانسجاما مع تاريخنا المليء بالمواقف المشرفة في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية المشروعة، وتعبيراً عن المواقف الشعبية العريضة لأبناء البحرين، تجدد في هذه المناسبة مواقفها المبدئية التي لا تنازل عنها في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في تحرير كامل أرضه المغتصبة، وفي الدفاع عن مقدساته وعن حقوقه التاريخية، وتدعو كافة القوى والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية للتعبير عن تضامنها مع الحقوق الفلسطينية بشتى الوسائل السلمية، خاصة رفض ومناهضة كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني وتقديم كافة أشكال الدعم المعنوي والمادي لصمود الشعب الفلسطيني.
كما تحي الجمعيات السياسية باعتزاز المواقف الأصيلة لشعب البحرين، والذي سيظل متماسكا وصلبا في دعمه ومناصرته للقضية الفلسطينية، واعتباره إياها قضية العرب الأولى، وكذلك لمواقفه المشرفة من رفض كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو الموقف الذي جرى التعبير عنه بكل وضوح في أكثر من مناسبة والمنسجم مع مواقف كافة الشعوب العربية والإسلامية والقوى المحبة للسلام.
كما تطالب الجمعيات السياسية في هذه المناسبة الحكومة إلى إلغاء كافة اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني وسحب السفير البحريني المعين في الكيان المحتل وطرد القائم بالأعمال الصهيوني في مملكة البحرين وكذلك وقف الرحلات الجوية والزيارات بكافة أشكالها، وإعادة فتح مكتب مقاطعة الكيان المحتل.
كما تدعو كافة الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان لاتخاذ نفس الخطوات، وتطالب النظام العربي الرسمي باتخاذ مواقف عملية جادة إلى جانب الحق الفلسطيني بعيداً عن البيانات الرسمية المتكررة والفارغة. إن الموقف العربي الرسمي يجب أن يتجاوز الاجتماعات وبيانات الشجب والادانة التي باتت تمثل في مجملها تخاذلا وتراجعا عن الالتزام بقضية العرب الأولى. إن الشعب الفلسطيني بحاجة اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى دعم صموده ومقاومته، وليس الضغط عليه ودعوته للانصياع لشروط العدو الصهيوني في تكريس التسويات المهينة.
إن الجمعيات السياسية في البحرين إذ تحي بكل إكبار نضالات وتضحيات وانتفاضات الشعب الفلسطيني وانتفاضاته المجيدة في القدس والمدن المحتلة وتطالب بأوسع تضامن معها، تجدد استنكارها لمجازر الاحتلال الإجرامية في مدن القدس وغزة وغيرها من المدن، وتدعو أبناء شعبنا في البحرين وفي أقطار الوطن العربي والإسلامي والقوى المحبة للسلام إلى أوسع رفض واستنكار لهذه المجازر والتضامن بكافة الأشكال مع الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني. كما تدعو جميع الدول الموقعة على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري بمحاسبة الكيان المحتل على جرائمها العنصرية والتدخل لوقف هذه الجرائم والانتهاكات. كذلك تدعو المجتمع الدولي إلى فرض الحصار الاقتصادي على الكيان الصهيوني نظير هذه الجرائم.
الجمعيات السياسية الموقعة على البيان:
التجمع القومى الديمقراطي
المنبر التقدمي
المنبر الوطني الإسلامي
تجمع الوحدة الوطنية
الوسط العربي الإسلامي
الصف الإسلامي
التجمع الوطني الدستوري
التجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي
17 مايو 2021