(تكفل الدولة تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو اليتم أو الترمل أو البطالة، كما تؤمن لهم خدمات التأمين الاجتماعي والرعایة الصحية، وتعمل على وقایتهم من براثن الجهل والخوف والفاقة).
المادة (5/ج) من دستور مملكة البحرين
تُظهر الدراسات لعدة منظمات دولية، ومن ضمنها منظمة العمل الدولية الأثر المباشر لجائحة كوفيد-19 على العمال الفقراء والمنشآت الضعيفة، وكيف فاقم الوباء هذه التحديات الأساسية، وجعل كسب العيش وتأمين مصادر الدخل أكثر صعوبة بالنسبة للناس الضعفاء؛ وخاصة ممن يعملون في ما يعرف بالاقتصاد غير المنظم، والذي يعمل به عدد غير قليل من العمالة الوطنية البحرينية، وفاقمت منها الأعداد الكبيرة من العمالة الوافدة خاصة من إفرازات ما عرف “برخصة العامل المرن” مما أضاف تحديات أخرى ووضعها في منافسة أشدّ في سعيها لتحصيل قوتها اليومي.
وبالرغم من أن الدولة قدمت في بداية الجائحة دعماً لجميع أصحاب العمل، بتحمل تكلفة 3 شهور من أجور جميع العاملين البحرينيين، واستمر الدعم لعدة أشهر لبعض ممن يعمل في هذا القطاع، مثل: سواق سيارات الأجرة، وباصات نقل الطلبة، والعاملين في المطاعم، عبر دعم أصحاب المطاعم، وبعض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي تأثرت أجور العمالة البحرينية فيها بصورة كبيرة أو كاملة من جراء الجائحة، مما ساهم في تخفيف أثار الجائحة على بعض من أفراد هذه الفئة. إلا أن اتساع هذه الشريحة (كالبائعين الجائلين والعاملين في الأسواق بصورة أفراد، وغيرهم من الذين لم يشملهم الدعم) وطبيعة عملها غير المنظم، ومع غياب الإحصائيات الدقيقة عنها (1)، جعلهم يفتقرون إلى العديد من الحقوق وفي مقدمتها الحق في التأمين الاجتماعي.
إن مقدار الانكماش في عمل هذا القطاع وصل إلى مستوى جسيم، الى درجة توقف العمل في بعضها، بحكم أن طبيعة العمل فيها تستلزم حضوراً جسدياً أو مرتبطة بالنشاطات الاجتماعية والسياحية. وهي قطاعات كان يعول عليها لاستيعاب أعداد من المواطنين، سواء كأصحاب عمل لمؤسسات صغيرة ومتناهية الصغر، أو كعاملين وحرفيين وأصحاب مهن. مما أدى إلى تقلص أو توقف مدخولاتهم طوال الفترة الماضية منذ بداية الجائحة إلى الآن.
وبالرجوع الى ما تنص عليه التوصية العربية رقم (5) بشأن الحماية الاجتماعية في القطاع الاقتصادي غير المنظم من تعريف لهذه الشريحة ب “مجموعة الافراد والوحدات التي تمارس أنشطة مشروعة وتنتج سلعاً أو تقوم بتوزيعها وتعمل لحسابها أو لحساب الغير ولا تشملها الحماية الاجتماعية”، وهذا ما تفتقر له هذه الشريحة من المواطنين في جانب الأمن الاقتصادي وهو عدم شمولهم بأنظمة الحماية الاجتماعية، وهي المنظومة التي مع كل الملاحظات على إدارتها، تبقى هي الملاذ القادر على معالجة تبعات الكوارث والأزمات، عن طريق تشريعات تؤمن لهذه الشريحة من المواطنين الانضواء تحت مظلتها بتشجيع ومساهمة من الدولة.
فإجراءات الدعم المالي المؤقت وإن كانت مهمة، إلا أن تأثيرها محدود ولا يمكن أن تستمر لفترات طويلة، وبذلك فإن من المهم معالجة هذا الأمر عن طريق تشريع يوسع الحماية الاجتماعية للجميع، ويكون في استطاعتهم الاشتراك فيه، مع أهمية تمديد الدعم اللازم للعمال الضعفاء من غير المسجلين في الضمان الاجتماعي أو التأمينات الاجتماعية، فهم يعتبرون في حكم البطالة أو البطالة الجزئية.
هذا مع أهمية إعادة النظر في سياسات التشغيل الموجهة والمعتمدة نحو هذا القطاع غير المنظم، والانتقال إلى تنظيم هذا القطاع عن طريق تنظيمهم في مؤسسات من ضمنها مؤسسات ذات شكل تعاوني أو قادرة على معالجة تبعات مثل هذه الكوارث والأزمات.
(1) (رغم إعلان وزير العمل في تصريح سابق بخصوص حجم القوى العاملة البحرينية والتي قدرها بـ 198 ألف بينها 152 ألف ممن هم مسجلين في مؤسسات وينضوون تحت مضلة الحماية الاجتماعية، وبذلك يتضح أن هناك أكثر من 40 ألف ممن يمكن تصنيفهم بالعاملين في المؤسسات او القطاع غير المنظم)