عيسى الدرازي
إدانة سبع جمعيات سياسية تقليص صلاحيات المجلس النيابي، على اختلاف مرجعياتها الفكرية وتبايناتها السياسية، تعطي إشارة واضحة حول مدى اتساع الهوة بين ما يذهب إليه المجلس وبين ما يرنو إليه الساسة ومعهم الرأي العام من المجلس وأعضاءه، إلا أنه يمكن للمجلس الحالي استيعاب ما تمّ قضمه من هامش صلاحيات المجلس كون عمر الفصل التشريعي الحالي أزف وقته.
الغريب في المجلس الحالي، انه في بداياته تعالت أصوات غالبية أعضاءه بلوم الأعضاء السابقين،من أنهم مرروا تعديلات تنال من صلاحيات المجلس وأدواته الرقابية والتشريعية، حيث تمّ في العام 2014 الموافقة على إضافة “تعديل” على أداة الاستجواب حيث اشترط التعديل موافقة ثلثي أعضاء المجلس على الاستجواب بدلاً من غالبية الأعضاء، وفي هذا تشديد غير مبرر وتحصين لمساءلة الوزراء برلمانياً وتأمينهم عن منصة الاستجوابات، وهو توجه جانب الحصافة، والأجدى تمكين المجلس النيابي من استخدام مثل هذه الأدوات الرقابية الفاعلة، ومع تزايد توجيه أعضاء المجلس الحالي لملاحظات وتصريحات تشي بضرورة إعادة وضع أداة الاستجواب كما كانت عليه قبل تعديلها، كانت الكبوة في إقرار تعديل جديد على اللائحة الداخلية ينال من أداة السؤال البرلماني ويحدّ منه.
مرّت على عمر المجلس منذ 2002، أربعة تعديلات على اللائحة الداخلية والخامس هو ما تمّ اقراره مؤخراً بشأن “منع توجيه النقد أو اللوم أو الاتهام، وأي أقوال تتضمن ما يخالف الدستور والقانون أو تشكل مساساً بكرامة الأشخاص أو الهيئات أو إضراراً بالمصلحة العليا للبلاد، وتحديد 10 نواب كحد أقصى للمشاركة في المناقشة العامة مع تحديد 5 دقائق لحديث النائب الواحد”.
تعديل اللائحة الداخلية للمجلس نحو الأفضل يحتم وجود غالبية من غير المستقلين من الأعضاء الذين تتفاوت مآربهم ومقاصدهم من العمل التشريعي، فلم يجن الشارع من مجلس المستقلين إلا إبطاء العجلة البرلمانية، ولا بد من إعادة الثقة للسلطة التشريعية والعملية الديمقراطية ككل.
أدبيا لا يصحّ للحكومة أن تقترح تعديل شأن برلماني خالص، خصوصا إذا كان ينتقص من العملية البرلمانية في الوقت الذي كان من الأجدى دعم التجربة واثرائها وتعزيز تلكم المفاهيم وصولاً لصورة ناصعة من الديمقراطية البرلمانية التي تستحق ثقة الناس.