حين يُكشف عن مظاهر الفساد في دوائر الشركات الكبرى التي تمتلك حصصاً شبيهة بالحصص الحكومية لا تمس بشفافية من قبل دوائر التفتيش، فإن البعض من المسؤولين يعتبرون ذلك مساساً بالديموقراطية، وهو تناقض غير طبيعي نسعى جاهدين في حركتنا الوطنية والتقدمية، وكذلك الوجوه الجادة في المجلس النيابي لإبرازه، لأنه يصب في الفساد ذاته.
إن التقارير التي تخرج في المجلس النيابي عن دوائر الفساد لا تجد طريقاً جدياً وصريحاً في الأخذ بمحتوياتها بصدقية، بل يتم التبرير والتستر عليها ومحاولة التهرب في الرد بطرق ملتوية، لكنها مكشوفة.
إن النواب الوطنيين في المجلس النيابي في نقدهم للسلبيات لا يهدفون تصيد الأخطاء كما تروج بعض الدوائر التي تتهرب من مسؤوليتها عن الفساد الذي يجري كشفه من النواب، بل إن هؤلاء النواب كثيراً ما يقفون إلى جانب الإيجابيات، ويشيدون بما يصدر من مواقف تدفع الأمور نحو الإصلاح والتطور.
لا يتم النجاح الديمقراطي في ظل تهرب القوى المتنفذة من المسؤولية وتخليها عن الجدية في الوقوف إلى جانب المجلس النيابي ونوابه الحريصيين كل الحرص على الثوابت الوطنية والدفاع عن حقوق من انتخبوهم، أما المواقف المتناقضة المكشوفة ومطاطية القوانين فما هي إلا خدمة للجشع والايتزاز بذرائع واهية لنهب المواطن بصورة سافرة متبعين مبدأ (ترك الحبل على الغارب).
إن عدم الوقوف إلى جانب الديموقراطية وقواها هو تعدّ على حقوق الناخبين الذين ينتظرون تلبية مطالبهم المعيشية لبناء مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، وهذا ما دعا إليه المشروع الإصلاحي وميثاق العمل الوطني، وهو نفسه الذي يعزز ثقة الشعب بكافة شرائحه في المؤسسات الديمقراطية والتي بدونها لا يمكن التطور الاقتصادي والسياسي.
اخيراً نقول إن عدم الالتفات لهذا التهرب يرجع ديمقراطيتنا إلى الوراء بعد أن حققنا خطوات مهمة من التطور على طريق إرساء مجتمع متطور يسير إلى الأمام، ما يتطلب الحفاظ على ما تحقق من منجزات والسعي إلى تطويرها، خاصة في الظروف الصعبة التي سببها وباء (كوفيد 19).