أشار تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في أوضاع صناديق التقاعد، إلى أن الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي لم تتعاون معها، معتبراً هذا الموقف خرقاً للدستور والقانون، من خلال عدم الالتزام بتمكين اللجنة من ممارسة دورها الرقابي في التحقيق، كما أشار التقرير إلى أن الهيئة “امتنعت عن تزويدها بالعديد من الأمور الهامة من بيانات”، بالإضافة إلى أنها: “قامت بتمويه وتضليل اللجنة من خلال التعمد في تقديم أرقام غير حقيقية فيها فروقات تصل إلى أكثر من 900 مليون ديناراً”. ولما بدا الأمر مكشوفاً، ولن ينطلي على أعضاء اللجنة ولا على الرأي العام، تداركت الهيئة ذلك لاحقاً وطلبت استبدال تلك البيانات التي قالت إنها أُرسلت بالخطأ.
وفي مداخلته في جلسة مجلس النواب لمناقشة تقرير اللجنة، اكدّ عضو كتلة “تقدّم”، النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالنبي سلمان “وجود تلاعب من قبل الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بالأرقام التي قدمتها إلى لجنة التحقيق البرلمانية، قائلاً إن “تقرير اللجنة بيّن تلاعب رئيس مجلس إدارة الهيئة عبر تسليم اللجنة بيانات مغلوطة قبل أن يتم ارسال بيانات أخرى مصححة حسب الهيئة”.
وعلى فداحة كل هذا التضليل والمعلومات المغلوطة، لم يقف الأمر عند هذا، بل بلغ حدّ تهديد رئيس الهيئة بمقاضاة أعضاء اللجنة، لدورهم في كشف أوجه القصورات والتلاعب في أموال الهيئة، وكشف الكثير من أوجه الفساد في عمل الهيئة والقائمين عليها، فضلاً عن فضح الامتيازات التي يمنحها هؤلاء لأنفسهم، ومن أموال المتقاعدين والمشتركين، في ظل غياب الشفافية والمساءلة والرقابة على عمل الهيئة.
نحن بصدد وضع مقلوب لا يليق ببلد يوجد فيه برلمان منتخب، حين يهدد مسؤول من داخل السلطة التنفيذية بمعاقبة نواب منتخبين من الشعب، فقط لأنهم قاموا بالدور الذي يمليه عليهم الواجب، والتزاماً بالتكليف المعهود إليهم من مجلس النواب نفسه، بالتحقيق في أداء جهة مؤتمنة على أموال تتصل بحياة ومصائر أبناء الشعب، وهو أيضاً دور معهود إليهم من ناخبيهم، ومن كل أبناء الشعب الذين يريدون أن يكون أعضاء مجلس النواب في مستوى المسؤولية التي أوكلوها إليهم، ويظهروا الشجاعة والنزاهة في مواجهة الفساد، وحماية المال العام.
مسؤولية السلطة التشريعية هي الرقابة على أداء السلطة التنفيذية، ومحاسبتها على أي تقصير تقع فيه أجهزتها والمسؤولون في هذه الأجهزة والوزارات، ومعيب للغاية أن يتجرأ أي مسؤول على نواب انتخبهم الشعب ووفوا بوعدهم لناخبيهم بإيصال أصواتهم إلى قبة البرلمان.