يمكن للفن أن يُغيّر المجتمع ويمكن له ألا يغيّره، وفي الحالة الأولى إن تهيأت له الظروف الموضوعية، فإنه يسهم في إحداث التغيير حيث أرى أن الفن كان له دور واضح وملموس في تغيير أنماط من سلوكيات افراد المجتمع، والعكس صحيح أيضاً، فحين لا تتوفر هذه الظروف لا يستطيع الفن أن يغيّر.
وقد كتب برتولت بريخت عن هذه الخاصية في الفن، التي تحرر نفس الانسان حيث قال: “إن مسرحنا يجب أن ينمي لدى الناس متعة الفهم والإدراك، ويجب أن يدربهم على الاغتباط بتغيير الواقع، لا يكفي أن يسمع متفرجونا كيف تحرر بروميثيوس، بل يجب أيضاً أن يتدربوا على تحريره والاغتباط بهذا التحرير، يجب ان نعلمهم في مسرحنا كيف يشعرون بكل الفرحة و الرضا اللتين يشعر بهما المكتشف و المخترع، وبكل النصر الذي يستشعره الفائز على الطغيان”.
و تأييداً لرأي بريخت أرى أن هناك فئة في المجتمع من المستحوذين على السلطة والثروة لا تهيئ الطريق لإنطلاق الفن الذي يسعى لخدمة وتغيير المجتمع، لان الفن – كما عرفناه ولمسناه – عملٌ راق وسامٍ يتضارب مع مصالحها الاقتصادية، أما الفن الذي تروج له تلك الطبقة من المجتمع فلا يعدو كونه عملاً تهريجياً وتسلية ليس إلا.
مما سبق، نؤكد على ضرورة إعطاء الفن دفعات إيجابية ليأخذ دوره المناط به، كما أشار إليه بريخت، والذي رأى أيضاً: “ان النظرة الجمالية السائدة في مجتمع يحكمه صراع الطبقات يتطلب أن يكون الأثر المباشر للعمل الفني هو إخفاء الفروق الاجتماعية بين المتفرجين، بحيث تنشأ منهم اثناء استمتاعهم بذلك العمل، جماعة لا تنقسم إلى طبقات وانما تكون وحدة إنسانية شاملة”.
ونستنتج من ذلك أن الفن سلاح إيجابي للتطوير، وقادر على إحداث التغيير والتقدّم، إذا ما لم توضع العقبات أمامه.