قضيتان شغلتا الشارع مؤخراً؛ مكتسبات المتقاعدين ووضع صناديق التقاعد المخلخل، والأخرى تزايد العاطلين عن العمل وعلو شكواهم من غياب التوظيف المناسب لمهاراتهم وتأهيلهم العلمي. وكلا القضيتين حلهما مرتبط بالآخر.
لجنة التحقيق البرلمانية التي قدّمت تقريرها مؤخراً بعد 4 أشهر من الزيارات والاجتماعات واللقاءات تمخض عنه ما يقرب من خمسين توصية رفعها المجلس للحكومة لتطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع حفاظاً على ما تبقى من أموال المتقاعدين والمشتركين، التي لم يكفّ الخبير الإكتواري عن التلويح بنفادها قريباً وقريباً جداً.
وكان من ضمن تلك التوصيات الساعية إلى إعادة وضع صندوق التقاعد في مأمن عن خطر الافلاس التوصية رقم 47: “زيادة عدد المشتركين من العمالة الوطنية في صناديق التقاعد، وذلك من خلال توظيف العاطلين”. فإحدى وسائل رفد الصندوق بالموارد اللازمة التي من خلالها يستطيع مغادرة المنطقة الحمراء تضرب عصفورين بحجر واحد.
الغريب أن العاطل عن العمل يعاني بحثاً عن فرصة ومنفذ لسوق العمل، والموظف يعاني خوفاً من غده، وما إذا كان يستطيع أن يتقاعد قبل أن يباغته المرض والموت، وصغار مرتادي الأعمال يعانون بسبب التنافس غير الشريف بينهم وبين كبار السوق من جهة، وبين القرارات الوزارية التي تساوي صاحب مدخول خمسين دينار وصاحب الأرباح المليونية من جهة أخرى.
والمتقاعد يعاني الأمرّين، مرٌّ لقوت يومه ومعاشه التقاعدي الذي يتآكل ويصبح في مرمى الداعين إلى إصلاح صندوق التقاعد عبر بوابة جيوب الفقراء، والمرُّ الآخر الذي يعانيه هذا المتقاعد هو ما يحمله في رقبته من أبناء يعانون، بدورهم، كونهم مشمولين بما سبق ذكره، فمن بات لا يعاني إذاَ؟ سؤالٌ ذو شجون.