جواد المرخي
المرأة شريك الرجل في جميع المجالات المعيشية والحياتية، وكذلك في النضال الوطني والاجتماعي والحقوقي، كما تدّل على ذلك حركة تطور المجتمعات البشرية مروراً بالتشكيلات الاجتماعية المتعددة، ودور النساء في كل هذه التشكيلات جنباً إلى جنب مع الرجال.
إلا إن بعض القيم والتقاليد الموروثة منذ زمن التخلف تعمل على إطالة تحجيم دور المرأة، خصوصا في البلدان العربية التي تعمل فيها قوى مختلفة تستغل المرأة لصالح قوى الاستغلال الطبقي والاجتماعي والتسلط ليس على النساء فقط بل حتى على الرجال في العديد من المجالات.
نستطيع أن نقول بأن قوى الاستغلال الطبقي تتحالف مع القوى المذهبية والقومية والطائفية لتمزيق دور وعي المرأة، وإبعادها عن أطر وسبل الوعي التحرري في الجانبين الاجتماعي والسياسي، الذي يساهم في دفع عجلة النضال لتحقيق الأفضل في مجتمعاتنا العربية لتعيش كل المكونات حياة سعيدة تطبق فيها أسس العدالة الاجتماعية ويتحقق فيها مبدأ عدم استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
إن تطور الحياة علمياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، قد فندّ مزاعم من يعتقد بأن المرأة كائن ضعيف، وبأن النساء لا يستطعن القيام بأدوار الرجال، وإن قبلوها في مجال العمل والوظيفة فإنها تتقاضى أجراً أقل من الرجل، رغم أن المرأة حطمت الكثير من القيود بواسطة التعليم، فهي اليوم رئيسة، أو رئيسة حكومة في بعض الدول، ووزيرة للخارجية والداخلية والدفاع في بلدان اخرى وقيادية مناضلة في أحزاب سياسية في مختلف أرجاء العالم تخوض غمار العمل والنشاط جنباً إلى جنب مع رفيقها الرجل.
المرأة في المجتمعات العربية، خصوصا في الدول التي تعاني من الحروب والمآسي والانقسامات العرقية الطائفية مع هيمنة قوى الإسلام السياسي تعاني من صنوف التهميش وتترك لتكون غارقة في وحل التخلف والجوع والفقر والأمية، وعرضة للتلاعب بها من قبل القوى القبلية والعشائرية التي لا تعترف بمسألة أن المرأة لها حقوق.
لقد مرت علينا مناسبة الثامن من مارس يوم المرأة العالمي وهي ذكرى عظيمة لنضال المرأة على مستوى العالم، ولها جذور، حين قام أحد مصانع النسيج في الولايات المتحدة، في الخامس من مارس من عام 1908، بإغلاق أبواب المصنع على النساء العاملات اللاتي كن مضربات عن العمل مطالبات بتحسين أجورهن، وقد أشعل صاحب المصنع النار في المصنع مما أدى لوفاة كل العاملات و عددهن 129 عاملة.
وما هذه الذكرى إلا تخليدا لدور المرأة العاملة في مواجهة النظام الراسمالي العالمي، وحتى يومنا هذا فإن المرأة لا تزال تناضل بشجاعة خصوصا في وسط الأحزاب والقوى اليسارية والعمالية في العالم ضد صنوف الاستغلال الطبقي والاجتماعي، بفضل الوعي السياسي والفكري حيث كان للمرأة ولا يزال أدوار بطولية في ساحات النضال المختلفة.
تؤكد الماركسية على أن الرجل لا يمكن أن يتحرر من صنوف الاضطهاد إلا إذا عمل على تحرير النساء من براثن الجهل والاضطهاد السياسي والاجتماعي والطبقي، وكما قالت الراحلة الكبيرة الدكتورة نوال السعداوي بأن تخلف المرأة وتكبيلها لا يؤخر النساء فحسب بل انه يقود الى تخلف المجتمعات.