شدد المنبر التقدمي على رفضه ما أعلن عنه رئيس مجلس إدارة هيئة التأمين الاجتماعي من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد عدد من النواب من أعضاء لجنة التحقيق البرلمانية في ملف الصناديق التقاعدية، وأكد بأنه كان يتعين على الهيئة بيان الحقائق وتفنيد ما هو مثار فيما يتعلق بعمل الهيئة دون عرقلة عمل لجنة التحقيق البرلمانية أو المساس بأحقية النائب في ممارسة دوره على صعيد إبداء الرأى أو ممارسة دوره في الرقابة والمساءلة.
إن مجلس النواب هو العنوان لآمال وتطلعات المواطنين، والنواب هم ممثليهم في السلطة التشريعية وفقاً لدستور مملكة البحرين وهو الذي يمنحهم سلطة التشريع والرقابة والمساءلة، وأي تطاول أو تهديد لهؤلاء النواب هو تطاول على الدستور وانتهاك لحرمة الشعب والوطن وخروج على الاجماع الوطني، ومن هذا المنطلق فإنه من المعيب وما يندي له الجبين ما خرج به رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي من تصريح ضد لجنة التحقيق البرلمانية في ملف الصناديق التقاعدية، وإعلانه عن إجراءات قانونية ضد من يمارسون دورهم المطلوب كنواب وكأعضاء في لجنة تحقيق يمتلكون الحصانة البرلمانية التي غابت عن المذكور .
إن التلويح باتخاذ إجراءات قانونية ضد النواب لأنهم يقومون بواجبهم ويمارسون دورهم وفقاً لما نص عليه الدستور هو في حقيقته انتهاك للقيم والمبادئ التي قامت عليها الحياة البرلمانية في كل تجارب دول العالم، وهذه الإجراءات بالنسبة لنا في البحرين تعبر وبشكل فج عن محاولة المساس بالهامش المتاح لأعضاء مجلس النواب فيما يخص إبداء الرأي والتعبير عن مواقفهم وما يمارسونه من نقد وما يدخل في نطاق الرقابة والمساءلة، وهو الأمر الذي يتنافى مع التوجيهات بالتعاون مع السلطة التشريعية .
إن المال العام ليس من الأملاك الخاصة، والهيئة العامة للتأمين الاجتماعي ليست هيئة خاصة تدار كيفما يشاء القائمون عليها، ومن هذا المنطلق لابد من الالتزام بكل مقتضيات الحوكمة والشفافية في كل مسارات عمل الهيئة ومجلس إداراتها، ولجنة التحقيق البرلمانية تقوم بواجبها المطلوب والذي كنا ننتظر من إدارة الهيئة تقبله وتشرّع كل الأبواب لكي تقوم اللجنة بالدور المطلوب منها على خير وجه دون إعاقات أو تقديم معلومات مغلوطة أو منقوصة أو إرباك أو غموض للحيلولة دون قيام النواب بواجبهم المفترض، أو ترهيب أي من النواب لعدم التعبير عن آرائهم أو كشفهم بعض الخبايا، وهذا أمر مرفوض ويجب التصدي له واتخاذ موقف حازم حياله، داعين إلى موقف برلماني ثابت وموحد تجاه من يريد أن تكون الرقابة شكلاً من أشكال التبعية أو المهادنة لمواطن الخلل وسوء الإدارة والفساد والتلاعب بالمال العام .
إننا نشدد على الموقف البرلماني الحازم ضد كل محاولة يراد منها سلب النواب لدورهم في التحقيق والرقابة والمساءلة، والعمل على تعزيز دورهم وصلاحياتهم في هذا المجال للقيام بما هو في صميم عمل النائب ويمثل جوهر العمل البرلماني، ونرى أن أي مساس بذلك يفقد المجلس النيابي دوره، واختل معه القدر المتاح بين السلطات الذي تتيحه المساحة المتاحة والممكنة التي تعطى العضو البرلماني حق المجاهرة بأي وجه من أوجه الخلل والقصور، وما على الجهة المعنية إلا بيان الحقائق وتفنيد الاتهامات بالحقائق والأرقام الموثوقة، ورد الحجة بالحجة والبينة بالبينة، وليس إطلاق التهديد والوعيد كما حدث من قبل رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، وإلا فعليه أن يقدم اعتذاره وأن يتنحى ويفسح المجال لمن يدير الهيئة بكل كفاءة واقتدار وشفافية، داعين إلى فتح نقاش عام موسع حول كل ما يتعلق بمسارات عمل الهيئة ويضع حداً لكل اللغط والتساؤلات المثارة حولها، ويضع مجريات أمور عملها في نصابها الصحيح .
المنبر التقدمي – البحرين
4 مارس 2021