كوكو شانيل وقصة نجاح
“الطبيعة تمنحكِ الوجه الذى تحملينه في العشرين، والحياة تشكل وجهكِ في الثلاثين، ولكن في الخمسين تحصلين على الوجه الذى تستحقينه”.
بمقولة كوكو شانيل أبدأ، تلك المرأة التي استطاعت أن تصنع أسطورتها في عالم الموضة، فتحوّلت إلى مادة مليئة بالمغامرات لأكثر من 10 أفلام في السينما العالمية، وهذا ما جذب النجمة الشابة كرستين ستيورت لتصبح بطلة أحدث الأعمال السينمائية، فمن هي كوكو شانيل؟ وما الذي دفعها لتكون من أهم المؤثرات في عالم الموضة؟ وقد تركت بصمتها في أهم الماركات العالمية.
ولأننا مشغولون بحكايا النجاح، وليس أي نجاح، تخيلوا فقط طفلة يتيمة، تدعى جابرييل بونور شانيل وهو اسمها الحقيقي، تستطيع أن ترسم طريقها في عالم الشهرة، وأن تنتقل من دار الأيتام، إلى أهم دار في عالم التصميم والموضة.
ومما لا شك فيه، فإن للأزياءِ حكاياتٍ، ارتبطت بمن يقفون وراءَها، لا سيما في عاصمة الفن والجمال باريس، ويأتي اسم كوكو شانيل بين أهم عمالقة مبتكري تصاميم الأزياء في العالم.
ولدت كوكو شانيل في فرنسا 19 آب عام 1883، وعاشت في غرفة واحدة هي وإخوتها الخمسة، وكانت ببلدة في الريف الباريسي ” Brive-la-Gaillarde”. شاء القدر أن تفقد والدتها وهي في الثانية عشرة من العمر، بعد أن أصيبت بمرض السلّ، فأرسلها والدها لدار الأيتام وقد فتحت أمامها هذه الدار دربًا جديدًا، بعد أن بدأت تكتشف موهبتها في عالم الخياطة والرسم والتصميم، ولم يكن أمامها سوى طريق الحلم والتحدي.
فقد تعلمت الخياطة وأتقنتها في تلك الفترة، وحين بلغت الثامنة عشرة من العمر تركت الدار، إلى دار داخلية أخرى للفتيات، أتقنت خلالها الخياطة أكثر، ويرجع اسمها إلى أغنيتين شعبيتين تميزت في غنائهما Coco ، Ko Ko Ri Ko وQui qu’a vu Coco..
كانت مغنية، لكنها سرعان ما عادت إلى فن التصمصم الذي شكل لها هاجسًا حقيقيًا، ترسم تقص، تحاور الورق والقماش، ويفتنها اللون، لا سيما اللون الأسود، الذي يعتبر سيد الأوان. بدأت شانيل رحلة التصميم بابتكار تصاميم خاصة للقبعات النسائية، وحصلت على ترخيص كمصممة عام 1910، ثم افتتحت بوتيك بباريس أطلقت عليه اسم شانيل موديل، شكّل بداية لها في عالم التجارة وسرعان ما أطلقت أول عطر، إلى جانب ما تميزت به من تصاميم، لا سيما الفساتين التي حملت لونًا أسود، والتايورات ” Chanel Modes”.
بدأت ممثلات المسارح بارتداء قبعاتها، لاسيما غابرييل دورزيات في إحدى مسرحيات فيرناند نوزييغ ” Bel Ami”، فانتشر الخبر في مجلة وكان هذا أكبر إعلان لها، بدأت بعدها ببيع القبعات بشكلٍ خيالي، إذ تحوّلت إلى موضة زمانها. ثم أضافت الفساتين والتايورات، بعد نجاحها في تصميم فستان من قميص شتوي قديم، وما حققته من نجاح، وكانت ترد على الصحفيين: لقد بنيت ثروتي من هذا القميص الذي كنت أرتديه.
في عام 1920 أطلقت عطر شانيل 5، وكانت تتفاءل بهذا الرقم، بعد أن قالت لها عرافة تمسكي بالرقم خمسة، فإنه رقم الحظ لك. في عام 1925، واصلت مسيرتها بنجاج ملفت، وكان هذه المرة تصميم أسطوري أهم ما يميزه الأنوثة والبساطة الجارحة، طقم مكون من سترة بلا طوق مع تنورة من نفس قماش السترة، واعتبرت امرأة ثورية، كونها كانت تستعير تصاميم للرجال وتعدلها محققة شرط الراحة للمرأة.
وكأي سيدة أعمال وفنانة، عانت كوكو شانيل في فترة الحرب العالمية الثانية من ركود اقتصادي، أثر عليها. ويقال إنها كانت على علاقة مع ضابط ألماني، أثناء الاحتلال الألماني لفرنسا، وقد تمّ استجوابها ولم توجه لها أي تهمة، رغم الشائعات الكثيرة حينها، وقضت بعدها عدداً من السنوات في سويسرا كنوع من راحة الفنان، بعيدًا عن أجواء القيل والقال، والحروب أيضًا.
بقي الحلم يراودها، بأن تبقى حاضرة في هذا العالم المثير للأضواء والشهرة، ولم يهمها أنها في سنّ الـ 70، عادت شانيل إلى عالم الموضة. تلقت تعليقات مسيئة من بعض النقاد، ولكن بتصاميمها الأنثوية المريحة حصلت على المتسوقين من جميع أنحاء العالم.
عام 1969، أصبحت قصة حياة شانيل الرائعة الأساس لمسرحية برادواي الموسيقية واعتبرت من أهم 100 شخصية عالمية مؤثرة في القرن العشرين، حسب مجلة التايم.
كوكو شانيل”مصممة الأزياء الفرنسية لا يزال اسمها خالدًا حتى الآن وتحلم جميلات العالم باقتناء قطعة أزياء أو حقيبة تحمل توقيع دارها العريقة، والاستمتاع بعطرها المميز.
ما تبقى من “كوكو شانيل” ليس فقط علامة الأزياء العريقة، ولكن أيضًا آراءَها ومقولاتها التي تعكس طريقة تفكيرها المميزة التي تحتاج كل فتاة للتعرف عليها، ومنها: بعض الناس يعتقدون أن الفخامة عكس الفقر، ولكن العكس هو الصحيح، فالفخامة هي عكس الابتذال. “كي تكوني امراةً عصيةً على الاستبدال، يجب أن تكونى دائمًا مختلفة”. ارتدي فستانًا رثًا وسيتذكر الناس فستانك، ولكن إذا ارتديتى فستانًا أنيقًا سيتذكرون المرأة التي ترتديه”، “أي امرأة لا تضع العطر، هى امراةٌ لا مستقبل لها.”
آمنت بالبساطة، البساطة التي تكثف معنى الأناقة، فالبساطة هي كلمة السر للأناقة الحقيقية، وأجمل الألوان هو اللون الذي يبدو عليك جميلًا.
ولأنها أعطت معنىً للجسد، والحركة، والرشاقة، في منح القطعة التي تصممها معنىً، فقد اعتبرت أن الفستان قد يبدو جميلًا على الشماعة، لكنه يصبح أكثر جمالًا مع حركة الجسد والخصر، وروح صاحبته وحضورها الذي يمنح الأشياء جمالًا.