“على المرء أن ينتظر حلول المساء ليعرف كم كان نهاره عظيماً” – (وليم شكسبير)
لا يخفى على المتتبع أحوال هيئة التأمين الاجتماعي وتأثير قراراتها السلبية على العاملين في القطاعين العام والخاص منذ بضع سنوات، وعودة خروج موجة أخرى على التقاعد المبكر بسبب تلك القرارات.
ففي بداية عام 2016 وعلى أثر تلميح لوزير المالية السابق الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، في رده على كلام ذكره النائب السابق عبدالرحمن بوعلي إلى إمكانية مراجعة نظام التقاعد في البحرين، وذلك لوجود تحديات مختلفة، وبأن الحكومة ستصدر قرارات لإلغاء مكافأة نهاية الخدمة، ورفع سن التقاعد إلى 65 عاماً، وإلغاء نظام شراء سنوات الخدمة، وما تبعه من موجة خروج الآلاف من العاملين على التقاعد المبكر بعد مضي عدة أشهر، وهو ما وصفه وزير العمل، رغم خروج تلك الآلاف، بالإشاعة والتي كان له الأثر في تضاعف وزيادة عدد المتقاعدين مبكراً في الربع الثاني من عام (2016)، إلى أكثر من ضعف العدد الذي كان عليه في الربع الأول من العام نفسه.
ولم يحدّ من هذه الموجة إلا قرار رئيس مجلس الوزراء المغفور له صاحب السمو الملكي الشيخ خليفة بن سلمان رئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت وما أكد عليه أن مكافأة نهاية الخدمة لن تُمَسَّ أو تُطالَ وأنّ ما يُثار حول إلغائها غير صحيح البتة، لتعود الحكومة في مرئياتها المقدمة لمجلس النواب بمسمى (مرئيات إصلاح أنظمة التقاعد) في القطاعين العام والخاص لتثير نفس الهواجس وبصورة أكبر من السابق، بحيث من المتوقع مبادرة الآلاف من العاملين في القطاعين بالتقدم لطلب التقاعد المبكر قبل تطبيق تلك الإصلاحات المزعومة وخاصة في ما يعنى بإلغاء التقاعد المبكر وبالخصوص في فئة النساء.
وهذا ما يتضح من إحصائيات هيئة التأمين الاجتماعي نفسها، ففي إحصائيات الربع الثالث من العام المنصرم 2020 أي بعد نشر هيئة التأمين مرئياتها لإصلاح التقاعد تضاعف أعداد المتقاعدين مبكراً في القطاع الخاص بحيث بلغ في الربع الثالث فقط ما مجموعه 1303 متقاعد، وبما يفوق مجموع الربعين الأول والثاني، حيث كان عدد المتقاعدين فيهما 603 و 463 على التوالي، وبنسبة تفوق الـ 55% من مجموع المتقاعدين مبكراً خلال الـ 9 شهور .
نتسائل هنا ما الفائدة من كل هذه الاصلاحات المزعومة بعد تقليص أعداد المشتركين المتوالية وعبر مشاريع وبرامج لها تأثير سلبي كبير على ديمومة الهيئة وخاصة في ما يختص بأعداد المشتركين؟ حيث تم إخراج الآلاف في العام ما قبل الماضي من القطاع العام عبر برنامج التقاعد الاختياري وقبلها خرج الآلاف جراء تصريح غير محسوب العواقب. لتعاد الكرة وتفقد الهيئة عددا مماثلاً إذا لم يفوق أعدادهم من جراء هذه المرئيات.
من المسؤول عما يحدث، والذي يعتبر تدميراً لهذه الهيئة ومقدمة للقضاء عليها؟
وهل هي مقدمة لتصفية الهيئة تمهيدا لصالح أنضمة تعتمد آليات الخصخصة في هذا الجانب؟ وهل يعي المسؤولون تبعات هذه الإجراءات التي لن تقتصر على المواطنين بل ستتعداه الى أمن البلد ومن عليها اقتصادياً واجتماعياً وتهديد السلم الأهلي بشكل مباشر؟ فهل ننتظر ما يخفيه لنا حلول المساء، وغياب شمس نهار التأمينات الاجتماعية؟