ليس مفاجئاً التحذير الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية من عدم تكافؤ توزيع اللقاحات المضادة لوباء “كوفيد 19” متحدثة عما أسمته بـ “فشل أخلاقي كارثي”.
منذ أن أعلن في أكثر من دولة في العالم عن نجاح شركاتها المختصة في انتاج هذه اللقاحات التي انكبّت عليه منذ انتشار الجائحة، طرح السؤال حول الآليات التي ستحكم توزيعها على النطاق العالمي، فضلاً عن سؤال آخر مهم حول قدرة هذه الشركات على تلبية الطلب الهائل على اللقاحات في مختلف الدول، حيث تجاوز عدد الوفيات في العالم بسسب الوباء مليوني وفاة، وأضعاف هذا العدد مرات من المصابين به، ددون أن يلوح أفق قريب للسيطرة عليه، أو على الأقل الحدّ منه.
بالنسبة للسؤال الأخير بالذات لوحظ تباطؤ الشركة الأشهر في انتاج اللقاح، شركة فايزر – بيونتيك في تزويد الدول التي تعاقدت معها على شراء كميات معتبرة منه، معزية هذا التباطؤ إلى “خلل” عابر في مصانعها، وواعدة بقرب التغلب عليه، فيما يؤثر التنافس السياسي بين الدول سلباً على فرص الاستفادة من لقاحات أخرى، كتلك المنتجة في الصين وروسيا، حيث “تترفع” دول غربية عن استيرادها تحت مزاعم هاوية، دون أن تفلح في حجب الطبيعة الاقتصادية – السياسية لهذا الموقف.
رئيس منظمة العالمية قال إنه “ليس من العدالة أن يحصل الشباب الأصحاء في الدول الغنية على اللقاحات قبل أولئك الأكثر عرضة للخطر في الدول الفقيرة”، واصفاً المبدأ الذي يقوم عليه هذا النهج، مبدأ “أنا أولاً” بالمدمر، لأنه سيشجع على ارتفاع أسعار اللقاحات وتكديسها.
وكان على الرجل أن يقول ما لم يقله صراحة حول أن منطق المال والربح هو الحاكم في الموضوع، فالشركات المنتجة غير معنية بمن يصاب أو يموت بسبب الوباء، بقدر ما هي معنية بمن هو مستعد لأن يدفع أكثر وأسرع، دون آبهة بما حذرت منه المنظمة المذكورة من أن ثمن هذا النهج “سيُدفع بالأرواح وسبل العيش في الدول الأفقر في العالم”.
عبرت منظمة الصحة العالمية عن أمنيتها بأن ينجح العالم في تحدي ضمان بدء توزيع لقاحات كوفيد- 19 في كل دولة بحلول اليوم العالمي للصحة، في السابع من إبريل/ نيسان، ولكن المعطيات المتاحة تظهر أنه دون هذه المهمة النبيلة عقبات كبيرة، يجعل من تحققها أمراً مشكوكاً فيه.
يمكن اعتبار هذا التحدي معياراً لإظهار إلى أي مدى استخلص العالم أقسى درس من الجائحة الفتاكة، وما من أدلة كافية على أن هذا حدث أو سيحدث.