قبل عدة أشهر، أصدرت محكمة جنائية في دولة الكويت أحكاماً بالسجن على عشرين متهماً وصلت بعض أحكامها لمدة ثلاثين سنة في قضية عرفها الرأي العام الكويتي بقضية “ضيافة الداخلية”.
القضية باختصار أن ديوان المحاسبة المالية في الكويت وجد في مراجعاته الدورية على مؤسسات الدولة مخالفات جسيمة في وزارة الداخلية، وبإحالة القضية للنيابة العامة تكشفت أكثر خبايا وتفاصيل تلك المخالفات، وكما يوجد الشيطان في التفاصيل كما يقول المثل، فإن تفاصل القضية تلك كشفت عن شياطين استهدفت المال العام في الكويت.
وقالت المحكمة الكويتية في حيثيات حكمها بأن “ديوان المحاسبة قد أورد بعضاً من المثالب على المال العام، وأشادت بالمهنية العالية التي تحلى بها فريق ديوان المحاسبة والمجهودات الكبيرة التي بذلها، والذي يبرز الدور الكبير والهام له في إعمال الرقابة الحقيقية الفاعلة على الأموال العامة”.
ولافت في حيثيات المحكمة ما أوردته في إحدى فقراتها المتعلقة بتعدد الجهات المسؤولة عن الرقابة المالية، وحيث قالت المحكمة: “إن العبرة ليس بكثرة الجهات الرقابية وتعددها، بل في فعاليتها على أرض الواقع، وجديتها بتحقيق الغرض الحقيقي من إنشائها”.
بحرينياً، وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، بيّنت الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بأنها: “باشرت خلال العام الجاري فقط نحو (64) قضية فساد، أحالت منها (35) قضية للنيابة العامة”. وقد سبق ذلك بعدة أيام تصريح أثار اهتمام المراقبين يعود لسمو ولي العهد رئيس الوزراء، الذي تعهد في أول جلسة وزارية يترأسها بأن يكون: “مُحارباً للفساد، مُحافظاً على المال العام بكل نزاهةٍ وأمانةٍ ومسؤولية”. مثل تلك التصريحات حينما تأتي من صدر السلطة التنفيذية فإنها بلا شك باعث على التفاؤل والحرص على حماية المال العام.
هناك علاقة طردية بين الفساد والمفسدين، فأينما وجد الأول وجد الثاني، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينفصل أحدهما عن الآخر، تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية منذ صدورها قبل قرابة العشرين عاماً وهي تحدد أوجه الخلل ومكمن القصور، ويقف خلف تلك الأفعال بلا شك متسببون استباحوا حرمة المال العام، وحتى تكسب تقارير ديوان الرقابة المالية ثقة الرأي العام ويعي أهمية ما يقوم به الديوان من جهد كبير يجب أن تكلل تلك الجهود بمحاكمة من أساء التصرف بالمال العام.