كان تأسيس جبهة التحرير الوطني في الخامس عشر من شهر فبراير من عام 1955 علامة فارقة في التاريخ الوطني والعمالي، حيث كانت بمثابة الحزب الماركسي الطليعي في البحرين وعلى مستوى الخليج العربي أيضاً، وكان من ضمن المؤسسين لهذا الحزب الذين دخلوا التاريخ الرفاق الراحلين حسن نظام، حسن جناحي، أحمد الذوادي، علي دويغر، علي مدان، جعفر الصياد، وإبراهيم ديتو أطال الله في عمره.
تركز نضال الجبهة في صفوف الكادحين خصوصاً العمال في المعامل والمصانع، وتطوّر العمل الجماهيري والتنظيمي والتثقيفي والذي من خلاله ازداد منسوب الوعي في صفوف الجماهير في الجانبين المطلبي والنقابي. وجرى إعداد الكوادر العمالية والوطنية عن طريق التثقيف الذاتي، وأيضاً توفير فرص الإبتعاث للخارج لتلقي المفاهيم النقابية والفكرية وطرق النضال العمالي والوطني، في المدارس النقابية والحزبية للأحزاب العربية الشقيقة وفي بعض الدول الاشتراكية.
اصبحت جبهة التحرير الفصيل الوطني المناضل المدافع عن قضايا الجماهير خاصة مصالح الطبقة العاملة، وكان لمواقفها ونضالها صدى في صفوف العمال مما عزز نضالاتهم ضد صنوف الإستغلال والإضطهاد، والتحق بعضوية الجبهة المئات من العمال الذين تعلّموا وعلّموا الجماهير طرق العمل والنضال اليومي الثوري.
وخاض هؤلاء على رأس الحركة العمالية الاحتجاجات والمسيرات والإضرابات، و قد ازداد هذا التلاحم مع صدور برنامج الجبهة في عام 1962 الذي احتوى على خمسة عشر بنداَ منها ما يدعو إلى ضرورة تأسيس النقابات العمالية في البحرين على أرضية قانون العمل الصادر عام 1957.
ومن المحطات المضيئة في نضال حركتنا العمالية تفجر انتفاضة مارس المجيدة عام 1965 والتي كان للجبهة فيها أدوار ومشاركات، بحيث كانت منشورات الجبهة توزع في كل مكان وفي البيوت مطالبة بإرجاع العمال المفصولين من شركة بابكو، الذين كان فصلهم الشرارة التي أطلقت الإنتفاضة، عندما وضعت بابكو نحو ألف وخمسمائة عامل على قائمة التسريح بناء على توجيهات الخبراء التي جلبتهم الشركة من أمريكا.
بالإضافة إلى تسريح العمال طالب هؤلاء الخبراء بالبدء في خصخصة العديد من أقسام بابكو ودفعها للمقاولين من أجل تفكيك الوحدة العمالية في الشركة، إلا إن الانتفاضة استمرت على مستوى البحرين لما يقارب لثلاث اشهر بمشاركة عارمة من جماهير الطلاب والنساء وكل اطياف الحركة الوطنية،على الرغم من القمع الشديد وسقوط شهداء وجرحى في صفوف المنتفضين.