على الرغم من كون رواياتها تضج بالشوق وتخفق بالحبّ؛ إلا أن حياة جين أوستن التي أشرقت صباح 16 ديسمبر عام 1775م في قرية صغيرة بجنوب إنجلترا، لم تكن بهذا النحو الرومانسي، إذُ لم يطرق الحب قلب جين إلا مرّة يتيمة طيلة حياتها في قصة عاطفية لم تكلل بالنجاح.
عندما أحبت جين أوستن الشاب الإيرلندي توماس ليفروي، رفضت أسرته هذه العلاقة وهددته بحرمانه من التعليم ومن تأسيس عمله في المحاماة. لم يستطع ليفروي مجابهة هذه العقبات لذلك انفصلا وتزوج بأخرى. في حين ظلت جين عزباء حتى وفاتها في 18 يوليو من العام 1817، وهي في سن الواحدة والأربعين.
صيّرت جين هذا الحبّ رغم شقائه بطريقة مغايرة في رواياتها، ذيلت خواتيم رواياتها بحفلات الزفاف والنهايات السعيدة، وكأنها أرادت تعويض بطلاتها بالسعادة التي حرمها منها الواقع، لتكون أحد أهم الأصوات الأدبية في القرن التاسع عشر التي تعكس حياة العصر الفيكتوري؛ في وقت أبت فيه الساحات الاجتماعية ظهور كينونة امرأة ترتكب الكتابة واعتبرت الأدب حكراً على الرجال فقط.
يرجح الكثير من النقاد أنّ السبب الحقيقي وراء عدم زواج أوستن، هو أنها أقامت علاقة خاصة مع الأدب، فأحبته وأفنت فيه حياتها. بينما يجزم البعض بأن احتمالية زواج سعيد في حياة جين كانت سترصد الكثير من الالتزامات والأعباء التي ترفض الكتابة الإبداعية، ومع افتراض رعايتها لأسرة كبيرة ربما لم تجد جين الوقت لتكتب بنفس الشغف، لذا ضحّت بالأمان المالي والسعادة الزوجية لتحتفظ بالكتابة.
تقول جين في إحدى رواياتها: “كل شيء يمكن أن يحدث، أي شيء يُمكن أن يتحمله الإنسان إلا أن يتزوج بغير حُب”؛ فهل كانت هذه الكاتبة الإنجليزية تصنع مفارقتها الأدبية بين واقع يرفض الحبّ وخيال يرنو إليه؟ أم أنّ كشعور يبدو الحب أجمل في أدراج الكتابة؟