منذ بداية انتشار وباء فيروس كورونا في العالم، وقبل أن تعلن منظمة الصحة العالمية عنه، وتحوّله إلى جائحة على المستوى العالمي، خطت البحرين خطوات متقدمة، وذلك عبر تشكيل فريق البحرين الوطني بقيادة سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد، مما أعطى معنى لجدية جهاز الدولة لمواجهة هذا الوباء بالتفاف ومساندة منقطعة النظير على المستوى الوطني من جميع فئات شعب البحرين، فمكّنه ذلك من التصدي لهذا الوباء بأقل الخسائر رغم محدودية امكانيات البحرين مقارنة بدول متقدمة علينا في الإمكانيات العلمية والمالية.
ولقد كان لتضافر العديد من العوامل وتكاملها دور أساسي في تمكين هذا الفريق من أداء مهماته بنجاح، وهناك أيضاً من الجهات أو القطاعات ممن تحمل العبء الأكبر في هذه المواجهة.
ومن أهم هذه العوامل:
أولاً: ليس خافياً على العيان أن هذا الفريق اعتمد على العنصر البشري الوطني، بدءاً من مستوى القيادة حتى المستويات الأخرى في الادارة وجميع الخدمات المساعدة؛ فكلنا عايش وتواصل مع أعضاء هذه الفرق من أطباء وممرضين وأفراد الدفاع المدني ومتطوعين في المراكز المختلفة من محاجر ومراكز فحص وغيرها من الأماكن، بما فيهم فرق الخدمات المساعدة حيث كان للعنصر الوطني الدور البارز في هذا الجهد الكبير.
ثانياً: التكاتف والعمل بروح الفريق الواحد، وتوحيد جهود القطاعات والوزارات المختلفة، حيث برزت فيها أدوار لعدة جهات كوزارة الصحة مع وزارتي الدفاع والداخلية والمستشفيات الثلاثة: السلمانية، العسكري، والملك حمد وتكامل عملها بهدف خدمة البحرين.
ثالثاً: سرعة اتخاذ القرار والشفافية التي تميّز بها عمل هذا الفريق عبر تواصل مستمر مع الجمهور في مؤتمرات صحفية، تطلع الجميع منذ بداية الأزمة على أخر المستجدات والتوجيهات، وهذا ما شدّد عليه سمو ولي العهد؛ مما ساهم في بث الطمأنينة لدى المواطنين وتخفيف هواجس الهلع لديهم.
رابعاً: الشراكة المجتمعية مع كل المؤسسات الرسمية بسلطتيها التشريعية والتنفيذية من جانب، والمؤسسات المدنية والأهلية، وتفعيل هذا المبدأ على أرض الواقع، بدءاً من عملية تسجيل المتطوعين إلى إعداد وتأهل فرق التعقيم وغيرها، التي ساهمت فيه وزارات عدة من ضمنهم وزارة الداخلية التي كان لجهودها دور كبير، والمؤسسات الأهلية كالجمعيات المجتمعية من خيرية ومدنية.
الجهات التي تحملت العبء الاكبر
في مواجهة الجائحة تحملت العديد من الجهات العبء الأكبر من الأدوار والمسؤوليات، ومن أهمها:
• المؤسسات التي يمكن أن نطلق عليها منظومة الحماية الاجتماعية مثل (صندوق التأمين ضد التعطل وصندوق الضمان الاجتماعي عدا صندوق العمل تمكين).
• قطاع الخدمات العامة الذي تديره الحكومة، وبالذات الخدمات الصحية والخدمات المساعدة، فهي من تحمل العبء الأكبر؛ مما أكد دورها كخط دفاع أول ورافعة يعتمد عليها في أساسيات حاجات المجتمع.
وبالتأكيد هناك عدة عوامل لا مجال الان لذكرها، ولكن المهم ماذا نتعلم من هذا النجاح؛ لنعممه، ونبني عليه مسيرة التنمية والتطور؟
نعتقد أن من ضمن ما يمكن استخلاصه من هذه الجائحة جملة من الدروس من ضمنها:
1. الاعتماد على الطاقات الوطنية التي طالما تمّ، وللأسف، تعطيلها وتهميشها عن طريق الاعتماد على العمالة الوافدة، وتعطيل هذه الطاقات، وما تبعه من مسؤولية على الجهات الرسمية وخاصة في الوزارات التي طالما اعتمدت على بقاء العمالة الوافدة بدلاً من تهيئة وإدماج القوة البشرية البحرينية بحجج لم تعد مستساغة.
فليس من المعقول أن تعتمد البحرين على أكثر من 3600 مدرس وافد في وزارة التربية. وكذلك وجود عدة آلاف آخرين من ذوي التخصصات الفنية والإدارية من العمالة الوافدة في القطاع الحكومي؛ كالأشغال والبلديات والكهرباء والصحة وغيرها من القطاعات المختلفة، وبالذات في الشركات الوطنية الكبرى، يقابلهم عشرات الآلاف من الخريجين الجامعيين في التخصصات الفنية والإدارية والتعليمية، من خريجي الجامعات في البحرين وخارجها، وبمعدلات متفوقة، وهم على قوائم الباحثين عن عمل لدى ديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل لسنيين طويلة.
2. قطاع الخدمات العامة، أي المدار من قبل الحكومة؛ وبالذات الخدمات الصحية والتعليمية، مما يتطلب إجراءات تساهم في حمايته وتدعيمه وعدم التضحية به أو جعله ثانوياً أمام أطماع بعض الشركات الاستثمارية عن طريق الخصخصة أو أية برامج أخرى، بل إن هذه الأزمة أكدّت على أهمية دوره وحاجة المجتمع اليه.
3. منظومة الحماية الاجتماعية بجميع أفرعها (التأمينات الاجتماعية، التأمين ضد التعطل، الضمان الاجتماعي وصندوق العمل تمكين) من المهم المحافظة عليها وعدم تحميلها تبعات برامج وخطط أخرى، كما كان متبعًا، كمثال التقاعد الإختياري أو عمليات التخلص من العمالة البحرينية، ومراجعة القوانين والإجراءات المتبعة في حالات التخلص من العمالة في بعض القطاعات العامة والخاصة.