لفتني تعليق أحدهم على التصريح الرسمي حول أوجه صرف مبالغ التبرعات والمساهمات والتي جمعتها حملة “فينا خير” التي انطلقت من أجل تأكيد التضامن الشعبي والمؤسسي أهلياً كان أو عاماً في مواجهة جائحة كورنا التي استشرت وجعلتنا مقيدين نواجه أمواج المجهول المتلاطمة.
يشير التصريح إلى أن أوجه صرف المبالغ المحصلة من حملة التبرعات والبالغ حجمها 100 مليون دولار، ستذهب إلى مبادرات إفطار المحتاجين من صيام شهر رمضان، ودعم الأسر المنتجة المتعففة في هذه الفترة عبر مساعدتهم لتصنيع الكمامات وطبخ الوجبات للمحتاجين والفئة الثالثة التي ستحصل على الدعم هم أصحاب المهن غير المسجلين في ضمن مظلة التأمينات الاجتماعية. ردّ ذلك الشاب الذي لفت انتباهي قال بما معناه (المبلغ الذي جمع من حملة التبرعات يكفي لبناء مستشفى على شاكلة مجمع السلمانية الطبي).
وزيرة الصحة قالت في وقت سابق بأن بناء وتجهيز مستشفى على شاكلة مجمع السلمانية الطبي يحتاج إلى مبلغ لا يقل عن 100 مليون دينار بحريني، وهو ما تحتاجه الوزارة لتلبية بناء مستشفى عام في المحافظة الجنوبية والمحافظة الشمالية، كون هاتين المحافظتين ليس بهما مستشفى عام ويعانون من كثافة سكانية كبيرة وصعوبة نسبية في الوصول إلى مستشفى عام كالسلمانية إن كان محتاج العلاج من قاطني قرى الجنوبية البعيدة.
في المقابل شهد شهر ديسمبر الماضي توقيع اتفافية بين وزارتي الصحة والاشغال وشركة مقالات لإنشاء مركز صحي في مدينة خليفة جنوبي البحرين بتكلفة قلت عن 6 ملايين دينار بقليل، ووعدت حينها الوزيرة بأن هذه الميزانية تكفي لبناء “مركز نموذجي مجهز بأحدث المستلزمات الطبية وفقا لأعلى المعايير والاشتراطات، حيث سيشتمل على قسم الاستقبال والسجلات الصحية، قسم الاستشارات والخدمات الطبية ويضم 12 عيادة للأطباء، قسم الصيدلية، قسم الأشعة، قسم المختبر، قسم الطوارئ، قسم صحة الفم والأسنان ويضم 6 عيادات، قسم العلاج الطبيعي، وقسم رعاية الطفولة والأمومة”.
بحسبة رياضية بسيطة جداً، فإن مبالغ التبرعات التي جمعها الحملة قرابة 37 مليون دينار بحريني تكفي لبناء وتجهيز مالا يقل عن 5 مراكز صحية نموذجية مجهزة تجهيزاً طبياً على أعلى المعايير الاشتراطات، حسب تصريح الوزيرة السابق، ويتم توزيع هذه المراكز الصحية المتطورة على كافة مناطق البلد، بالتأكيد بأنها ستكون زيادة محمودة وداعمة للمنظومة الصحية وستخفف بلاشك الضغوط المتزايدة على المراكز الصحية والمستشفيات العامة.
أحد أهم الدروس التي لقنتنا إياها هذه جائحة كورنا القاسية هي أهمية دعم المنظومة الصحية العامة، وحتى نحسن تدبير المبالغ التي جمعتها حملة التبرعات لمواجهة هذا الوباء، يحب علينا أن نفكر ملياً فيما ستذهب إليه ومن أجله، ويا حبذا لو استمثرت هذه المبالغ الاستثمار الأمثل والأنجع في حلول دائمة ومستقبلية.