حاز الفيلم الكوري “الطفيلي” على عددٍ من جوائز الأوسكار قبل أشهر، ومن ضمنها أفضل فيلم لعام 2019. قصة الفيلم تصوّر العلاقة بين أسرة فقيرة وأخرى ذات مستوى معيشي عالٍ جداً، وكيف أن العائلة الثرية رغم كونها ذات مكانة علمية واجتماعية مرموقة، إلا أنها تتصف بالسذاجة بنسبة كبيرة وهو ما أدى بالأسرة المُعدّمة الأخرى أن تستغلها عبر أساليب ملتوية تتسم بالخداع والكذب، وتنجح العائلة الفقيرة في أن تعمل بكامل أفرادها لدى الأسر الثرية وبعضهم في مهنٍ متخصصة لا يمتون لها بأدنى صلة أو وسيلة، أو حتى مؤهل علمي قريب منها.
بصرف النظر عن تطور الأحداث في الفيلم، لأن القصة أوسع من هذا السرد المختصر، وفي تركيز على جزئية معينة فقط وهي تعمّد الأسرة الفقيرة استغلال الأسرة الأخرى، عبر أساليب ملتوية والعيش معها في منزل واحد متطفلين عليهم واعتبارها بأنها ممارسة مستحقة لهم، وهو ما يمكن البناء عليه في تناولنا لمجريات الأحداث محلياً في مواجهة الوباء المنتشر حالياً كوفيد-19 أو كورونا.
الإجراءات الحكومية في مواجهة هذا الوباء المنتشر عالمياً على مستوى عالٍ من الاهتمام والتركيز من قيادة البلاد العليا، ورغم بعض التحفظات على جزئية إعادة المواطنين العالقين في الخارج لمن يرغب، إلا أن الإجراءات في مجملها انعكست ايجاباً على الشارع البحريني، ولم نشهد حتى اللحظة حالات هلع كما حدث في دول قريبة. إلا أنه وبالعودة للفيلم الكوري، إذا اعتبرنا مجازاً أن الحكومة تمثل صورة الأسرة الغنية فالحاصل أن القطاع الخاص عبر شركاته ومصارفه ومؤسساته الاستثمارية يؤدي دور الأسرة “الفقيرة” التي تعتاش بصورة طفيلية، مستغلة الإجراءات الحكومية في مواجهة هذا الوباء، دون أي اعتبار لما تفضي إليه مجريات الأمور من انعكاسات على المواطن.
لا يمكن للقطاع الخاص أن يستمر في عزل نفسه عن الصورة العامة في مواجهة هذا الوباء العالمي الذي يتربص للانقضاض بنا، ولا يمكن للحملات الدعائية التي يمارسها البعض ذراً للرماد، أن تبرىء ذمة القطاع الخاص من المساهمة الفاعلة والحقيقية وتقديم يد العون للدولة في هذه المواجهة وعدم تحميل المواطن تبعات هذا الوباء، انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية لهذه الشركات والمؤسسات المالية الضاربة جذورها في عمق السوق.
يجب النظر في إصدار تشريع يلزم شركات القطاع الخاص بتفعيل حقيقي لمفهوم المسؤولية الاجتماعية، ويجب أن تعي الجهات الرسمية بأن هذا القطاع الذي قامت بتسمينه وتدليله تقاعس اليوم من أجل مدّ يد العون لها وهي في أمس الحاجة، وظهرت طبيعته القائمة على الأخذ دون العطاء.