خلسة وبعيداً عن الأعين يتم تدمير البيئة البحرية. تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير جاء بتجاوزات خطيرة تتعرض لها البيئة البحرية في جانب مهم جداً وحيوي وهو العبث بالرمال البحرية، حيث أشار التقرير بالحرف الواحد إن التجاوزات التي سجلها فيما يتعلق باستخراج الرمال البحرية دون اتباع للاجراءات اللازمة من شأنه أن يؤدي إلى استنزاف الرمال والإضرار بالبيئة البحرية.
الحديث عن البيئة البحرية وصيانتها وتأمين الحماية اللازمة لها، يدفعنا للحديث عن التعاطي الرسمي مع الإجراءات التي اتخذتها لحماية البيئة البحرية حيث إنها أرجعت أهم أسباب تدني الانتاج السمكي هو التأثير السلبي لطريقة الصيد عبر الجرف التي يتعبها صيادو الروبيان، وهي طريقة قد تكون ضارة بالبيئة البحرية ولكنها ليست هي السبب الوحيد في تدمير البيئة البحرية والذي جاء في تقرير الرقابة المالية والإدارية أخطر بكثير من طريقة الصيد عبر الجرف، لأنها تستهدف البيئة الحاضة للكائنات البحرية عبر تدمير بيئتها وشفط رمالها.
تجاوزات خطيرة جاء بها القرير نأتي على ذكر البعض منها، حيث تمت الإشارة إلى أن تجديد تراخيص شركات استخراج الرمال البحرية حصل دون موافقة الجهات الحكومية، وأشار التقرير كذلك إلى عدم تحديد أساس واضح لكميات الرمال البحرية المسموح باستخراجها لكل ترخيص، والحال الآن أن كل شركة تتقدم بطلب استخراج الرمال بالكميات التي تحددها هي دون توافر المعلومات والبيانات لدى الجهة المعنية حول الكميات الموجودة أساساً في المواقع المراد استخراج الرمال منها، وهو ما أكده التقرير بأنه يؤدي إلى استنزاف الرمال والإضرار بالبئة البحرية في تلك المواقع. كما أن الرقابة والتفتيتش على عمليات استخراج الرمال البحرية معدومة أو ضعيفة حسب وصف التقرير، الذي أشار إلى عدم وجود آلية واضحة تنظم عملية مراجعة التقارير المقدمة من المكاتب الاستشارية حول سير عمليات استخراج الرمال، بالإضافة إلى ضعف الإشراف على عمليات استخراج الرمال البحرية لمشاريع ردم البحر، وعدم وجود خطط وبرامج تنظم أعمال التفتيش على مواقع استخراج الرمال البحرية.
إنها سياسة الكيل بمكيالين. بهذه الطريقة تدار الردود الرسمية، ففي مسألة منع صيادي الروبيان من الصيد بالطريقة التي عرفوها من آبائهم والتبرير بأن ذلك يؤدي إلى تدمير البيئة البحرية ومصائد الاسماك والمكامن اليحيوية التي تسهم من زيادة الانتاج السمكي، ذات الجهات الرسمية هي من يوجه لها تقرير الرقابة المالية والإدارية سهام التقصير وضعف الرقابة لأنها سكتت عما يجري أمام ناظريها من انتهاكات بيئية خطيرة، وإن كانت الدولة هي المسؤولة عن الرمال البحرية إلا إنها حق عام يجب حمايتها من العبث.