قانون التقاعد الجديد الجائر … يُوَّحد شعبنا #ارفعوا_أيديكم_عن_التأمينات
القوانين تتطور للأفضل وليس إلى الأسوأ، بالأخص عندما تبرز فيها بعض النواقص أو الثغرات التي لا تواكب التطورات الجارية في البلاد، وتحتاج إلى تعديل أو حذف أو إضافة بعض من موادها، بعد سنوات من تطبيقها، واكتشاف ما فيها من ثغرات.
لهذا عندما بدأت فكرة دمج صندوق التقاعد والتأمنيات الاجتماعية قبل حوالي عشر سنوات، كان من المؤمل بأن يكون القانون الجديد متطوراً، يأخذ بعين الاعتبار مزايا الصندوق والتأمنيات، وهذا ما كان متوقعاً بأن يُطرح مشروع قانون التقاعد الجديد بشكل مغاير عمّا هو موجود في القانون الصادر في عام 1975، الخاص بالمعاشات والتقاعد، الذي تمَّ تعديله مرات عديدة حتى عام 2016، ولكن ليس بالصورة السيئة التي ظهرت في العديد من مواد القانون الجديد وهي تشكل سابقة خطيرة في قوانين التقاعد سواء في البحرين أو الدول الخليجية والعربية، وتحديداً إعطاء صلاحيات واسعة لمجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي لتتحكم في مصائر المواطنين المتقاعدين.
لا يكفي رفع الدعم عن اللحوم منذ شهر أكتوبر 2016، وتلاه رفع الدعم عن البنزين، والكهرباء والماء وغيرها وفرض ضرائب جديدة، بالإضافة إلى رفع أسعار بعض السلع والضرائب، والرواتب لم تتغير للآلاف من المواطنين وإن تغيّر للبعض مثل (موظفي الحكومة) فإن النسبة السنوية 1% أو 3% زيادة ضيئلة لا تغير الوضع المادي للموظف المطحون سواء كان في الحكومة أو القطاع الخاص.
ويتم الإعلان في الصحافة المحلية من جهة رسمية بأن الدين العام فاق 10 مليارات دينار، وهذا يعود للسياسات الحكومية الفاشلة على الصعيدين المالي والاقتصادي، في غياب التخطيط الاستراتيجي على مدار السنوات الماضية، والأكثر من هذا وذاك تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وفقاً للتقارير الـ 14 الصادرة بشكل سنوي من ديوان الرقابة المالية والإدارية وهي جهة حكومية، لم نقرأ أو نسمع بأن مسؤولاً أو مسؤولين تم تقديمهم إلى النيابة العامة ليطبق عليهم القانون ويكونوا عبرة للآخرين لمعاقبة الفاسدين وسارقي المال العام، ليكون الجميع أمام القانون سواسية، ولكن العائق هو أن السارق يغطي على السارق وربما يحميه ويدافع عنه (تبادل مصالح)، والضحية هو المواطن.
ففي هذه الظروف الصعبة التي يعيشها المواطنون، مرّر مجلس الشورى قانون التقاعد الجديد بعد أن تمّ رفضه من قبل مجلس النواب، وهي بادرةٌ تحسب له وإن كانت (لحفظ ماء الوجه) بعد أداء ضعيف وسيّئ طوال الفصل التشريعي الرابع المنقضي من 2014 إلى 2018، فالبعض من أعضائه أعلنوا عن ترشيح أنفسهم لانتخابات مجلس النواب القادمة.
أدخل مجلس الشورى “تعديلاً على مشروع قانون التقاعد الجديد نحو الأسوا، لا الأحسن، بأن التغيرات التي تدخل من قبل مجلس الإدارة تعرض على مجلس الوزراء لكي يوافق عليها، وهو جهة حكومية وتنفيذية، فيما الصحيح أن الجهة الوحيدة التي يجب أن تتحمل المسؤولية هي مجلس النواب باعتباره سلطة منتخبة من الشعب بغض النظر عن أدائه الضعيف، حيث يمكن محاسبة النواب من قبل ناخبيهم في مناطقهم عندما يقفون ضد مطالب أو حقوق الشعب وعدم انتخابهم مرة ثانية لمجلس النواب، كما يتطلب أن يكون في قوام مجلس الإدارة للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي ممثلو الاتحادات النقابية العمالية بصفتهم أصحاب الشأن بعد تغيب لسنوات وهم ممثلون عن قطاعات واسعة من العمال والموظفين، وأن يجري إيقاف جميع مكآفات أعضاء مجلس الإدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، الهيئة ليست بنك تجارياً أو بنك أوفشور لكي تعطي (بونس/ bonus) مكافأة مالية، فالأموال التي تمنح لهم هي أموال المتقاعدين، ومن جيوبهم، وحصيلة شقاء سنوات من العمل والكدح من عمر المواطنين.
هذه الأموال يأتي من يبددها ويسرقها، ويعطي قروضاً لهذه الجهة الحكومية أو الخاصة ولا يوجد ضمان لإعادتها للتأمين الاجتماعي، ويمكن، في هذا الصدد العودة إلى تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في التأمينات الاجتماعية لعام 2004، لمعرفة حجم الفساد والإخفاقات، ولحسابات خاصة، وفشل الاستجواب لسحب الثقة من الوزراء المسؤولين عن ذلك الإخفاق.
وعندما بادر المنبر التقدمي إصدار عريضة شعبية تؤكد على وقوفه ودعمه للجهود التي بذلها أعضاء لجنة التحقيق في التأمينات الاجتماعية ومحاسبة الفاسدين وتقديمهم للعدالة المشكلة من مجلس النواب 2002، وجمع أعضاء وأصدقاء المنبر التقدمي حوالي سبعة الآف توقيع آنذاك، وكان بالإمكان أن تكون التواقيع أكثر من ذلك العدد، لولا الموقف السيّئ من قبل بعض المقاطعين لمجلس النواب في عام 2002، الذين كانوا يدعون المواطنين في المناطق المقاطعة لعدم التوقيع على العريضة الشعبية الموجهة لمجلس النواب، نذكر هذا للتاريخ ليعرف المواطنون بعض الحقائق، وكيف كان البعض يقف ضد حقوقهم لمصالح حزبية ضيقة .
الرفض الشعبي اليوم والوقفة من فئات وأطياف متعددة بشكل موحد ضد قانون التقاعد الجديد الجائر، خطوة إيجابية ووطنية مشجعة تؤكد على شيء واحد بأن هناك قواسم مشتركة ممكن الاتفاق عليها بين الشعب، وبالرغم من كل الصعاب والعراقيل سيبقى خيار شعبنا هو الوحدة الوطنية لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية.
نشرة التقدمي لشهر يوليو 2018.