أهمية التعاون بين الجهات الرسمية والمجتمع المدني في تطوير التشريعات الخاصة بالمرأة البحرينية
يعد إقرار ميثاق العمل الوطني بالتصويت عليه من قبل شعب البحرين نساء ورجالا عام 2001 حجر الأساس لتكريس واقع جديد سعياً نحو إقامة النظام الدستوري الديمقراطي، وإقامة دولة القانون، بما يتضمنه ذلك من ترسيخ لمكانة وحقوق المرأة البحرينية في المجتمع فلم ينص فقط على أن (الدولة تعمل على دعم حقوق المرأة وسن التشريعات الخاصة بحماية الأسرة وحماية أفرادها)، بل نصَّ على حق المرأة في المشاركة السياسية: (يتمتع المواطنون رجالا ونساءً بحق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية في البلاد بدءًا بحق الانتخاب والترشيح طبقًا لأحكام القانون) .
وبناء على مبادئ ميثاق العمل الوطني صدر دستور 2002، مهما اختلفت المواقف بشأن طريقة إصداره أو مدى توافقه مع أحكام الميثاق، فإن أحكامه جاءت واضحة في ما يتعلق بالحقوق والحريات بما فيها حقوق المرأة، حيث لم ينص فقط في المادة (5 / ب) على أن الدولة (تكفل التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجال في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية)، بل رسَّخ وجسَّد ما نص عليه الميثاق بما نص عليه في المادة (هـ) للمواطنين، رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق الانتخاب والترشيح، وذلك وفقاً لهذا الدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون. ولا يجوز أن يحرم أحد المواطنين من حق الانتخاب أو الترشيح إلا وفقا للقانون). وفي المادة 18- (الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة) .
وفي ظل الميثاق وفي إطار الدستور انضمت البحرين لعدد من الإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة البحرينية التي ساهمت في نهوضها في المجتمع، ومن أهم هذه الاتفاقيات اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بتاريخ 18 يونيو/ حزيران 2002، وتمَّ التصديق على الانضمام وصدر في شأنه المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2002، وتعد أحكام الاتفاقية جزءاً من القواعد الواجبة التطبيق.
وفي ظل المشروع الاصلاحي نشأ المجلس الأعلى للمرأة، في الثاني والعشرين من أغسطس2001، بموجب الأمر الأميري رقم (44) لسنة 2001، الذي ساهم ومازال في نهضة المرأة البحرينية، ومن ابرز اختصاصاته والذي يتعلق بحديثنا هذا ما جاء في رسالته (تقديم الاقتراحات بتعديل التشريعات الحالية المتعلقة بالمرأة، وإبداء الرأي في مشروعات القوانين واللوائح والقرارات المتعلقة بها قبل عرضها على السلطة المختصة، والتوصية باقتراح مشروعات القوانين والقرارات اللازمة للنهوض بأوضاع المرأة) .
ولا بد من التوقف هنا عند توسع وازدياد تأسيس مؤسسات المجتمع التي تعنى بشئون المرأة، لعل من ابرزها تأسيس الاتحاد النسائي البحريني بموجب حكم قضائي، ولأول مرة في تاريخ القضاء البحريني يستند في هذا الحكم على نصوص اتفاقية السيداو .
وفي هذا السياق يهمنا أن نؤكد على أهمية المسؤولية المشتركة بين المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني من أجل تعزيز ما حققته المرأة البحرينية من إنجازات وما لم يتحقق بعد بتعديل ما يشوب بعض التشريعات من نواقص وعيوب وبوضع تشريعات وقوانين جديدة تساعد على النهوض بحقوق المرأة.
كما صدرت عدد من التشريعات التي سعت لها وكافحت من أجلها نساء البحرين منذ أمد طويل وساهم وسعى من اجل إصدارها المجلس الاعلى للمرأة، لعل من أهمها قانون الأسرة، وقانون الحماية من العنف الأسري، وقانون مؤسسة الإصلاح والتأهيل رقم ( 18 ) لسنة 2014، إضافة إلى القوانين وتعديلاتها أو المراسيم والأوامر الملكية والقرارات الوزارية الأخرى.
نريد إصلاحاً مدروساً ليس للتشريعات المتعلقة بشؤون المجتمع المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية فحسب، بل للتشريعات المتعلقة بشؤون المرأة، وتطوير متدرج بالبناء على ما تحقق من إنجاز في التشريعات الصادرة .ومن أجل التطوير والبناء على ما تمَّ اصداره من تشريعات تخص المرأة نؤكد على أهمية كل التشريعات التي صدرت ونتمسك بها، وإن اعترتها عيوب ونواقص، ولا يكفي هنا أن نعدد ما تمَّ انجازه من تشريعات بل نناقشها و نبين أوجه القصور فيها ليس من أجل النيل مما تحقق من إنجاز، بل نهدف إلى مصلحة عليا هي رقي وتعزيز دور ومكانة مملكة البحرين على الصعيدين الداخلي والدولي، وتعزيز دور المرأة في المجتمع.
نشرة التقدمي – يونيو – العدد 127