أولاً: الوطن العربي ونظرية المؤامرة
دائماً يتداول الحديث في الإعلام بأن
المواطن العربي مسكون بنظرية المؤامرة ، وتفكيره يذهب بعيدا
ً
عندما يحلل الأحداث التي وقعت في بلاده
والبلدان العربية، وأن هناك من القوى الدولية
التي تتأمر عليه في الخفاء والعلن ، وأن عقله أي المواطن العربي لا يستطيع
أن يتخلص من هذا التفكير الراسخ في وجدانه، في أي حدث من الأحداث وبالأخص في هذه
الأيام (الأحداث متسارعة)، هل محق المواطن فيما يفكر، ربما يقول قائلٌ: بسبب
الاستبداد والقهر في بلاده يجعله يتمسك
بهذه الفكرة (نظرية المؤامرة) أو هي قراءة الواقع التي تعكس ذلك في وعيه وفكره،
مثلما هو التفكير الجدلي العلمي للأشياء
والظواهر والاعتقاد بترابطها، (السبب والنتيجة)، هناك أسباب لتلك الظواهر المادية
والملموسة في أي مجتمع، تأتي النتائج فيما بعد، لهذا ليس مستغرباً عندما يؤمن
المواطن العربي بـ (نظرية المؤامرة) وتصبح جزءاً من الثقافة السائدة في مجتمعاتنا
العربية، صحيح بأن هذا المصطلح متداول منذ مائة عام تقريباً، وهذا يعود إلى حقبة
الاستعمار في معظم البلدان العربية وما جرى فيها من مآسٍ على أيدي المحتلين
الأجانب، ولا نغفل في هذا السياق ونحن نكتب في هذا الموضوع، المؤامرة الكبرى على
البلدان العربية بعد بداية
انهيار الإمبراطورية
العثمانية في الحرب العالمية الأولى 18-1914، معاهدة أو اتفاقية سايكس –
بيكو السرية، بين بريطانيا وفرنسا لتقسيم البلدان العربية فيما بينهما، جاءت
الثورة البلشفية في روسيا (ثورة أكتوبر 1917) بقيادة لينين، لتفضح تلك المؤامرة،
عندما نشرت بنودها وأهدافها، واليوم ما يحدث من الصراعات والحروب، هدفها تفتيت
البلدان العربية
.
نتساءل من يقف وراء ذلك التآمر الكبير في الوطن
العربي، بالتأكيد الجواب الإمبريالية
الامريكية وحلفا
ؤ
ها، لأنهم لا يريدون أن يتحقق التكامل
الاقتصادي بين البلدان العربية، لكي لا تشكل قوى اقتصادية، ربما تتطور وتكون لها
مكانة كبيرة وهامة بين البلدان الاقتصادية
المعروفة في العالم بالأخص عندما يتطور الإنتاج
في بلداننا العربية، اضف إلى ذلك الموقع
الاستراتيجي الذي تحتله البلدان العربية بين ثلاث قارات (آسيا ، أفريقيا ، أوروبا)،
إذا كانت فكرة الوحدة الاقتصادية بين
البلدان العربية مرفوضة من تلك القوى الإمبريالية المهيمنة على مقدرات وخيرات
الشعوب والبلدان ، منذ سنوات عديدة ، فبالتأكيد سوف ترفض وتفشل أية فكرة للوحدة
العربية (السياسية)، مثلما فشلت فكرة الوحدة العربية في السابق لأسباب ذاتية وموضوعية، لهذا سيبقى
المواطن العربي مسكوناً دائماً بنظرية المؤامرة، وإنْ اختلفت الأسباب والأهداف من
يعمل عليها ومن يخطط لها ومن مصلحة تلك القوى المهيمنة في العالم أن تستمر الأوضاع السيئة في البلدان العربية لكي لا تقوم لها قائمة لا
في الحاضر ولا في المستقبل، يساعدها على ذلك غياب الديمقراطية و الديمقراطية
الحقيقية والحريات العامة من غالبية البلدان العربية، اضفْ إليه تصاعد دور القوى
المتطرفة والإرهابية فيها، مما يشكل قلق واضح على مستقبل المنطقة لدى قوى التغيير
والديمقراطية و انسداد الأفق نحو إحداث
الإصلاح السياسي والتغيير والديمقراطية الحقيقية.
ثانياً: الوضع الاقتصادي إلى الأسوأ
!
ما يجري في البلدان الخليجية والعربية والدول الاخرى المنتجة للنفط
من انخفاض لأسعار النفط إلى أقل من 40 دولاراً وهي مرشحة للمزيد من
الانخفاض، بسبب السياسيات الخاطئة التي اتبعتها الدول المنتجة للنفط في السوق و
المستمرة في زيادة الانتاج اليومي بالرغم
من تراجع سعر البرميل، هذا فضلاً عن انتشار ظواهر عدة مثل الفساد والرشوة والمحسوبية، والعجز في الموازنات العامة لمعظم البلدان
الخليجية وبدلاً من التوجه الجاد لمعالجة
هذه الأزمات تلجأ بعض الدول الخليجية للأخذ
بنصائح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، المعروفان بارتباطاتهما الوثيقة
بالولايات المتحدة الامريكية، وهي النصائح الموجهة للمساس بمكتسبات الرعاية
الاجتماعية ورفع الدعم الحكومي عن السلع الحيوية وتخفيض النفقات المقدمة للنهوض
بالحياة المعيشية للمواطنين
.
ويجري كل ذلك على خلفية تفاقم الحروب
والصراعات في المنطقة، التي حولتها إلى بحيرة مشتعلة تتمدد نيرانها في كل اتجاه،
والمستفيد من ذلك القوى العالمية وعلى رأسها الإمبريالية الامريكية التي يهمها
الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، فيما الخاسر الأكبر هي الشعوب العربية
.
فاضل الحليبي