أحيت جمعيتا المنبر التقدمي والعمل الوطني الديمقراطي «وعد» في أمسية مشتركة الذكرى التاسعة والثلاثون لاستشهاد المناضل محمد غلوم والمناضل الشاعر سعيد العويناتي، اللذان تمت تصفيتهما بدم بارد إبان فترة قانون وتدابير أمن الدولة في الثاني والتاني عشر من شهر ديسمبر 1976 على أيدي جلاوزة ذلك الجهاز سيء الصيت، ضمن حملة اعتقالات واسعة طالت العديد من مناضلي وكوادر كل من جبهة التحرير الوطني البحرانية والجبهة الشعبية في البحرين.
وفي تلك الأمسية ألقى الشاعر أحمد العجمي قصيدته ظلالُ الطيور وهنا نصها:
ظلالُ الطيور
الشاعر: أحمد العجمي
تكلّم أيّها الزمنُ
عن الأحلامِ التي حطموها،
ما هو موجودٌ في كتابِكَ
يجعلُني أرتجفُ،
لكن لا أنسى، ولا أيأسُ أبدا.ً
على جدران السماءِ،
سماءُ الألمِ العظيمِ،
الصورُ باقيةٌ،
وتتكلّمُ،
ولا يمكنُ إخفاءُ
كلماتِها عن الأرضِ
والبيوت.
شريطٌ من الرعبِ، قاحلٌ،
يسكبُ وحشيّتَهُ
في الفراغِ،
وفي الأعينِ،
ويمدُّ ظلامَهُ في أرشيفِ الدم.
يُنزعُ جِلدُ الحريةِ،
يُضربُ رأسُها بالجدارِ،
بعد ذلكَ،
تُدفنُ في قبرٍ غيرِ معروف.
وبالمخالبِ المنتقمةِ
يُمزّقُ لحمُ الِشعرِ، عظامُهُ،
وتُقتلعُ بذورُ شمسهِ
على مرأى من الطيور.
هذه المشاهدُ للقتلِ،
مازالت تتكرّرُ في الطرقاتِ
التي تعبرُها النجومُ،
وكأنَّ الظلَّ لم يرتوِ من الدّم.
إلى متى تسقطُ الطيورُ
على الحصى
لمجرّد أنّها تبحثُ عن بابٍ
كي تخرجَ من الظلمةِ،
ومن الصداع؟
لا يُريدُ الظلامُ
أنْ تكونَ النارُ فضوليةً
فتُعرّي التماثيلَ المُختبئةَ،
وتكشفُ نشازَ الصمتِ
واللامُبالاة.
قدْ يضيعُ جزءٌ من الدّمِ
ومن الأحلامِ،
حينَ يطولُ فصلُ الخريفِ،
وتنمو الأشواكُ تحتَ أٌقدامِنا،
إنَّما ستبقى الضحكةُ
متربصةً، ومستعدةً، دائماً،
لنيلِ جائزتِها.
أيامٌ حالكةٌ،
سنواتٌ مِنَ الحجارةِ والخوفِ،
هذا هو شكلُ السورِ
المُحيطِ بزهرة عباد الشمسِ،
وبطموحاتٍ تحاولُ
زراعةَ شمسٍ جديدة.ٍ
مع كُلِّ هذا العذابِ
الذي يُطاردُ الأغنية،
ويحرمُها من الابتسامةِ،
ومن شربِ النور،
لم نشعرْ بالتعبِ، ولا بابتعادِ السماءِ
عن أصابعِنا الخمس.
ظلالُ الأجنحةِ
تظهرُ في المرآةِ الجديدةِ،
المُضاءةِ بالسُحبِ،
فنفهمُ معنى كلمةِ شهيد،
وأصلِها في معجمِ الضوء.
لا شيءَ يجعلُ النوافذَ تنامُ
قبلَ أن تأتي الريحُ
بِقُبلاتها، وأنغامِها،
لتفردَ موهبتَها أمامَ الجميع.