مرة أخرى، لفتت دولة الإمارات العربية المتحدة الأنظار إليها بإصدارها المرسوم بقانون بشأن مكافحة التمييز ونبذ الكراهية وازدراء الأديان، فهذا المرسوم يأتي في وقته تماماً حيث تشهد المنطقة العربية موجة من خطابات التكفير والكراهية، وممارسات التمييز على أسس مذهبية وطائفية وعرقية. وعلى أساس هذه الخطابات التي تطلق من منابر إعلامية ودينية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تتمادى الجماعات الإرهابية في جرائمها المقترفة ضد الأبرياء وضد أمن وسلامة الأوطان.
دولة الإمارات، بإصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، هذا المرسوم بقانون، تقدّم نموذجاً يجب أن يحتذى به في كافة الدول العربية. وليس بغريب على دولة الإمارات أن تكون سباقة في هذا المجال، فهي بذلك تؤكد وفاءها للنهج الذي اختطه مؤسسها وبانيها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه على صعيد تأكيد مبادئ الأخوة العربية والإسلامية، والتمسك بالجوانب المضيئة في حضارتنا، جوانب التسامح والعيش المشترك والتفاعل الخلاق بين الروافد الثقافية المختلفة، وكذلك الانسجام مع المعايير الدولية في تأمين حقوق المواطنة المتكافئة والمتساوية، وبناء الدولة الحديثة التي تتسع للجميع وتصون ما لهم من حقوق وانتماءات في إطار نسيج وطني متماسك وقوي.
ويحيط المرسوم بقانون بأوجه مختلفة شديدة الإلحاح في ظرفنا الراهن بتجريمه للتمييز بكافة صوره ونبذ خطابات الكراهية وازدراء الأديان، وهي جميعاً آفات خطرة باتت تنخر في المجتمعات العربية وتقوض وحدة الدول والشعوب، وتدفع نحو أتون الحروب الداخلية والتصفيات على أسس الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية.
آفات مثل هذه تتطلب تحصين المجتمعات منها ومن شرورها بوضع كل ما يندرج تحتها أو ينتسب إليها من أقوال وأفعال تحت طائلة المساءلة القانونية، لتكون كلمة القانون هي الأعلى في ردع كل من يتبناها أو يُحبذها أو يروج لها أو يأتي بها، بما يضمن توفير بيئة صحية قائمة على التعايش المشترك وحماية الوحدة الوطنية، وتوجيه طاقات الأمة نحو الأهداف الخيرة في التنمية البشرية وتأمين الأمن والاستقرار والطمأنينة للجميع.
وما قامت به دولة الإمارات من خطوة رائدة تستحق كل التقدير والاحترام يؤكد مجدداً حاجتنا كعرب إلى صوغ خطابات دينية وثقافية وسياسية جديدة، وعياً بالمخاطر التي تهدد أوطاننا، وإعداداً لعقول الناشئة على القيم الإيجابية والإنسانية ونبذ التطرف والعنف، ومحاصرة بؤر التكفير والكراهية التي أوصلت أمتنا إلى مرحلة من أكثر المراحل ظلاماً في تاريخنا المعاصر.
22/7/2015