المنشور

اندماجات كبرى على وقع هبوط أسعار النفط

مجموعة
بريتش غاز BG Group ثالث أكبر شركة طاقة بريطانية . وجدت من يشتريها . بعد
تدهور عملياتها وإدارتها وتراجع سعر سهمها في السوق بنسبة 20% في الاثني
عشر شهراً الأخيرة . المشتري هو الشركة الإنجليزية الهولندية “شل” .Royal
Dutch Shell وقيمة الصفقة
تبلغ 47 مليار جنيه إسترليني (حوالي 70 مليار دولار) وفقاً لما أعلنت عنه
الشركتان في بيان مشترك في 8 إبريل/ نيسان 2015 . من أن شركة شل سوف تدفع
383 بنساً نقداً و4454 .0 سهم من الفئة (ب) في الشركة مقابل كل سهم من أسهم
مجموعة بي . جي . وإن هذا السعر يمثل علاوة بنحو 52% على متوسط سعر تداول
السهم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة . وبموجب الصفقة أيضاً سوف يتملك مساهمو
“بي . جي” نحو 19% من المجموعة الجديدة الناتجة عن الاندماج . ومجموعة “بي
. جي” هي شركة غاز طبيعي بريطانية عابرة للجنسية . تصنف ضمن 20 مجموعة
تعمل في مجالات النفط والغاز الطبيعي في العالم . ومقرها في مدينة ردينغ
بغرب لندن . أما المشتري “شل” فهي تعتبر حالياً ثاني أكبر شركة طاقة خاصة
في العالم بعد شركة أكسون موبيل الأمريكية . حيث ستبلغ القيمة السوقية
للشركة بعد الاندماج 248 مليار دولار (46 مليار دولار القيمة السوقية
لمجموعة بريتيش غاز و202 مليار دولار لشركة شل) . مقابل القيمة السوقية
لأكسون موبيل البالغة 360 مليار دولار . 



وستمكن هذه الصفقة المتوقع
الانتهاء من إجراءاتها خلال خمسة عشر شهراً شركة شل من الاستفادة من
مشروعات بي . جي في بعض مناطق العالم التي تقدر بمليارات الدولارات بما
فيها بعض مشروعات الغاز الطبيعي المسال الذي يشهد طلباً متنامياً في العالم
. كما أن عملية الدمج قد رفعت سعر سهم بي جي في بورصة لندن
بنسبة 42% صبيحة يوم إعلان صفقة الدمج إلى 13 جنيهاً إسترلينياً وتبغي
شركة شل من وراء إبرام هذه الصفقة تعويض تقلص احتياطياتها من النفط بضم
أنشطة صناعة الغاز إلى دائرة استهدافاتها . وكذلك تعويض إخفاقها لفترة
طويلة في إبرام صفقات اندماج ناجحة . 



الصفقة ستجعل من شركة “شل”
عملاقاً غازياً أكثر منه عملاقاً نفطياً كما كانت سابقاً . بفضل أصول
استثماراتها في مجال الغاز في شرقي إفريقيا وكازاخستان وأستراليا وترينيداد
. وستمكن شركة “شل” من توفير 5 .2 مليار دولار في النفقات . بدءاَ من
أعمال الشراء إلى عمليات التسويق
والاتجار . إنما هذا التحول الاستراتيجي لشركة “شل” باتجاه صناعة الغاز .
والتوجه نحو التفريعات الوسيطة Midstream الأكثر جاذبية راهناً مثل نقل
مصادر الطاقة (الغاز في حالة “شل”) والتفريعات الأفقية (أنشطة التكرير
والتوزيع) الأخفض مخاطرةً والأعلى لجهة الهوامش الربحية مقارنة باستكشاف
وتطوير حقول النفط والغاز . خصوصاً أن شركة بي . جي . التي اشترتها تتمتع
بعناصر قوة في مجالات تسييل ونقل وتخزين الغاز . فضلاً عن أسطولها الضخم من
ناقلات الغاز إن هذا التحول الاستراتيجي لشركة “شل” ليس مضمون النتائج في
الأمد القريب في ضوء ارتفاع كلفة إنتاج الغاز خصوصاً في مناطق الاستكشاف
الجديدة في القطب الشمالي وفي أعماق المحيطات . في مقابل انخفاض أسعاره
نتيجة لفورة الغاز الصخري في أمريكا الشمالية وكذلك تعثر استثماراتها في
مصر بسبب عدم الاستقرار وخيبة أملها في استثماراتها في مجال الغاز الصخري
في كل من الصين والولايات المتحدة وهو ما دفعها للانعطاف باتجاه أعمال
الاستكشاف عن الغاز في القواطع البحرية . 





إنه إذاً وقت الاندماجات الكبرى . فانخفاض أسعار النفط
بنسبة 50% تقريباً . يشكل أكبر محفز لهذا الخيار لتجاوز أزمة انهيار
إيرادات الشركات . إضافة إلى خيار خفض النفقات الذي نفذته “شل” بتسريحها
قبل حوالي أسبوعين من الصفقة . 250 من عمالتها في حقل بحر الشمال وإعلانها
خفض نفقاتها الرأسمالية (الاستثمارات الجديدة) بواقع 15 مليار دولار .
واعتزامها بيع بعض أصولها خلال الفترة من 2016 إلى 2018 للحصول على 30
مليار دولار . فضلاً عن محفز انخفاض أسعار أصول الطاقة بسبب انهيار أسعار
النفط ولسوف نشهد عمليات دمج أخرى قريباً . فهنالك صفقة شراء مرشحة للإبرام
لشركة التنقيب عن النفط والغاز البريطانية “تولو” Tullow التي فقدت نصف
قيمة أسهمها في السوق منذ الصيف الماضي على وقع انخفاض أسعار النفط لترتفع
بنسبة 9% على إثر وصول خبر شراء شركة بي . جي . من قبل شركة شل . علماً بأن
هذه الشركات النفطية الصغيرة بدت أكثر هشاشة وانكشافاً أمام انهيار أسعار
النفط . ولربما تصبح أيضاً بريتش بتروليوم BP نفسها والتي تبلغ القيمة
السوقية لأصولها في البورصة حوالي 83 مليار جنيه إسترليني . الهدف القادم
لشركة “شل” . ومن المحتمل أيضاً أن تستنفر خطوة “شل” بالاستحواذ على بي .
جي . إحدى الشركتين الأمريكيتين العملاقتين شيفرون وأكسون موبيل لشراء
بريتش بتروليوم . 







هو مناخ يقارب ذلكم الذي ساد أواخر تسعينات القرن
الماضي . حين استحوذت أكسون على شركة موبيل في ديسمبر/ كانون الأول 1998
لتشكلا معاً شركة أكسون موبيل . واستحوذت شركة بريتش بتروليوم في نفس العام
على شركة أموكو وعلى شركة آركو في عام 2000 . واستحوذت شركة شيفرون على
شركة تكساكو في أكتوبر من عام 2000 بصفقة بلغت قيمتها حينها 45 مليار دولار
. وكانت شركة هاليبيرتون التي تتخذ من هيوستن مقراً لها والمتخصصة في
الخدمات البترولية . قد اشترت في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي
منافستها الأصغر شركة “بيكر هيوز” بقيمة 35 مليار دولار . 








والحال أن
كبريات شركات الطاقة في العالم تواجه اليوم مشاكل ارتفاع المديونيات
(ارتفعت هذا العام بواقع 31 مليار دولار بالنسبة لشركات الطاقة الأمريكية
والأوروبية الرئيسية) . وانحدار أسعار أسهمها بواقع السُدس منذ الصيف
الماضي ما أجبرها على بيع جزء من أصولها . 








وهكذا فإن كبريات شركات
النفط والغاز في العالم مدفوعة بالظروف الراهنة في سوق البترول الدولية
للقيام بما تمليه عليها هذه الظروف الاستثنائية . وهو التقشف في الإنفاق أو
إذا استدعى الأمر . وتوفرت الفرصة المناسبة الاندماج مع شركة أخرى لتوفير
رصيد أكبر من الإنفاق الجاري والحصول على ميزات تنافسية جديدة وفرص جديدة
للنفاذ إلى الأسواق . 








تحاول الشركات كما الدول التكيف مع متوسط سعر
لبرميل النفط عند حدود 60 دولاراً خلال هذا العام .