فى ظل الصراع المستمر بين البرجوازية الرأسمالية و نظامها الاقتصادي
القائم على استغلال الانسان لأخيه الانسان, و بطرق تمارس فيها الرأسمالية ابشع انواع إذلال الطبقة العاملة و سائر
الكادحين, الذي فيه تسلب البرجوازية القوت
اليومي من اسر و اطفال الكادحين, ذلك من اجل ان تتكدس المليارات في خزائن التجار
الجشعين بما ان الملايين من العمال يصبحون عرضةً للفقر و الجوع و التشرد.
و هكذا تعيش الطبقة العاملة فى الوطن العربي من المحيط حتى الخليج حياة
مهمشة, في ظل أن الانظمة العربية مأسورة بقوانين
الاقتصاد الراسمالي العالمي, وعليه فأن
النظام السياسي العربي مرتبط بسياسات
اقتصادية رأسمالية, بعيداً عن بناء اقتصاد وطني قومي مستقل ممكن من خلاله ان تنبثق
اقتصاديات عربية وطنية, و التي من خلالها ممكن ان تخلق طبقة عاملة و طنية تتمتع بمزايا و
حقوق افضل بصفة ان العمال وسائر الشغيلة هم القوى المنتجة و الفاعلة الاساسية في مسالة التطور الاقتصادي و الصناعي و الاجتماعي.
حقيقةً ان مسألة البطالة و العقود المؤقتة التي تنتشر فى ربوع الوطن
العربي و منها البحرين, تعتبر قضية اجتماعية غاية فى التدمير للملايين من الكادحين
خصوصاً عندما يرتبط ذلك بمسالة ان تسن قوانين جائرة لا تراع فيها حقوق المواطنة, و
لا حقوق العمال, او الفئات الكادحة, ذلك بفعل صدور تشريعات وسن قوانين غاية فى تأزيم
الحياة المعيشية للعمال, و مثل هذه الامور بدلاً من فتح قنوات من خلالها ان يعيش
الكادحون حياة فيها من المراعاة و تخفيف من المعاناة, و الظلم, و الاستغلال بجميع
اشكاله بحق الطبقة العاملة وسائر الشغيلة. الا انه في الواقع نحن وصلنا لأمور معقدة فى مسألة البطالة فى البحرين,
وهذا نموذج مصغر لما يحدث فى الوطن العربي بحيث ان الطبقة العاملة اصبحت تعيش
مهمشة في ظل البطالة المقننة التي هي في ازدياد مضطرد, وقد اصبح طالبوا العمل بين
مطرقة البطالة و سندان العقود المؤقتة التي من خلالها تضيع كل الحقوق للكادحين, و مثل هذه القضية فى البحرين اصبحت كأنها قضية ليست فى الحسبان, بالنسبة لصناع القرار, ذلك مع
تنامي و اتساع رقعة البطالة في صفوف الشباب البحراني من المؤهلين الجامعيين
القادرين على العمل و الوظيفة, ولحد الان
هناك من يراهن على اخفاء النسبة الحقيقية لحجم البطالة لأسباب عديدة, لكن الواقع
يتحدث عن ان في كل بيت هناك عاطلون عن
العمل وتزداد وتيرة الارتفاع لمنسوب البطالة
ذلك مع انتهاء كل فصل دراسي, و سوف
نسمع التصريحات من كل صوب على اهمية توظيف البحرينيين, لكن هي مجرد تصريحات لا
تخلو من العقاقير المسكنة لأنهم يدركون تماماً خطورة البطالة فى كل المجتمعات خصوصا العربية.
حقيقةً لقد
تحدثنا و اشرنا فى مواضيع سابقة و قلنا ان البطالة المزمنة فى البحرين لاتحل
بتصريحات صحفية, لكن هذا هو الحال المزري, وعليه ان في ظل اتساع لرقعة البطالة بين
الشباب و عدم الجدية فى حلحلة هدا الملف, والحاجة الماسة للعمل فى صفوف الشباب, لقد اصبح
هناك من يستغلون الشباب العاطلون عن العمل, و من ثم تشغيلهم بعقود مؤقته فى القطاعين العام و الخاص,
و كأنهم عمالة وافدة ذلك ظناً من الذين
يقبلون بهذه العقود لربما قد يحصلون على
فرص عمل بعقود دائمة ذلك بعد تجربة لفترة
محدودة, لكن هناك من يعملون لسنوات طويلة بعقود تتجدد لهم سنوياً.
هنا لا نخقي صعوبة الأمر للألوف
من الشباب الذين يقبلون العمل بعقود مؤقته,
و لقد اصبحوا بين خيارين احلاهم مر, اما يعانون من البطالة او صعوبة العمل بعقد مؤقت,
ثم لابد وان نشير الى الاضرار التي يعاني
منها من هم قبلوا بالعمل بعقود مؤقته للشباب وهم مقبلون على حياة جديدة:
1_ الحرمان من الامتيازات التي يحصل عليها الموظفون بعقود دائمة.
2_ سوف يعانون طويلاً من عدم الاستقرار الوظيفي خصوصاً فى حالات ان
يتعرضوا لاستغلال بشع ولا يحركون ساكن كي تسير الامور و يرضى عنهم المسؤلون.
3_ عدم حصولهم على فرص التدريب و الترقية, و العلاوات السنوية, و
التأمين الصحي, و الحوافز, و علاوة المواصلات.
4_ انهم يعيشون دائما فى حالة من القلق النفسي و الخوف من الاستغناء عن خدماتهم
في كل لحظة, وهذا قد حصل للألوف في القطاع الخاص.
5_ عدم قبول البنوك و الجهات الاخرى المالية اقراضهم وهم يعملون بعقود
مؤقتة, فكيف هنا يعيشون بدون قروض في حالات عديدة مثل شراء سيارة, او التفكير
بزواج او الحصول على فرص من الاسكان و الخ..
6_ لابد و ان هناك سوف يحصل خلل
اسري و اجتماعي لمن يقبلون العمل بعقود مؤقتة, ذلك نتيجة لهذا الخوف من مستقبل مجهول, و هذه
الهواجس و التي قد تصل منها فى مثل هذه
الحالات لاضطرابات نفسية لازدياد هذه
المعاناة.
حقيقةً ان المشكلة قد تزداد تعقيداً و السبب ان هناك تشجيع و بمباركة من قبل وزارة العمل و ايضا ديوان الخدمة
المدنية فى تجاهلهم عن حلحلة البطالة فى البحرين, خصوصاً مع التوجهات لمجلس النواب
و الشورى فى اعطاء الاولوية للتوظيف
العمالة الوافذة وتفضيلها على العمالة الوطنية بحجج لا تنم عن الاهتمام بهذه المسالة الوطنية الخطيرة, و هي البطالة المتفشية فى البحرين منذ
عقود خصوصاً فى ظل ان قانون العمل الجديد لا يعطي الاولوية فى التوظيف للمواطن, و هناك مباركه من قبل مجلس
النواب و الشورى في مثل هذه المسألة.
حقيقةً هنا يمكن القول ان ليس هناك فرق في الاضرار للعمال واسرهم بين من هم عاطلون عن العمل, و من هم الذين
يعملون بعقود مؤقتة لانهم مهددون بالتسريح فى أي وقت, ثم
و ان المعاناة لا تقل الواحدة عن الاخرى فأن البطالة و العمل بعقود مؤقتة امر صعب للغاية للمواطنين بما ان اكثر من 200
الف من العمالة الوافدة يكتسحون الوظائف, بالاضافة لمسألة التجنيس العشوائي وهذا حتماً يزيد من الاحتقان الاجتماعي و
السياسي, ومثل هذه الاوضاع حتماً تزيد من
رقعة الفقر و الحرمان فى صفوف غالبية الناس, و حتما سوف يكون له انعكاس على خلق
فرص للانحراف و الفوضى و الكراهية, ذلك عندما
تتسع الفهوة بين الكادحين الفقراء
وهم الاكثرية, و بين الاغنياء وهم الاقلية
مثلما هو الحاصل في كل المجتمعات الرأسمالية.
فتحية لكل الكادحين في
العالم بمناسبة الاول من مايو ايار المجيد, عيد الطبقة العاملة العالمي المجيد, و الى المزيد من التلاحم و النضال فى
صفوف العمال من اجل الوحدة بين الكادحين
فى سبيل كسر القيود, و تحقيق المطالب فى سبيل بناء حياة كريمة يتمتع فيها الكادحون
بالحرية و المساواة و الكرامة.