المنشور

مستقبل اليسار في البحرين والخليج العربي


 ضمن احتفالات المنبر التقدمي بالذكرى الستين لتأسيس جبهة التحرير الوطني البحرانية أقام التقدمي حلقة حوارية لاعضاءه حول مستقبل اليسار في البحرين والخليج العربي. كان المتحدثين فيها الأمين العام السابق للتقدمي الدكتور حسن مدن ونائب الأمين العام عبدالجليل النعيمي وعضو التيار التقدمي الكويتي أحمد الديين.
تناولت الحلقة النقاشية تحليل لليسار في الوضع الراهن بالنسبة للبحرين والوطن العربي والتحديات التي يواجهها ثم تطرقت الحوارية إلى الآفاق المنظورة لإعادة الحيوية إلى اليسار وتعزيز تواجده.
 
 
وفيما يلي ورقة الرفيق أحمد الديين عضو التيار التقدمي الكويتي المقدمة في الحلقة الحوارية:
 
 
 
المنبر التقدمي – البحرين
الطاولة المستديرة
14 فبراير 2015
——————————————


 
محور: مستقبل اليسار في البحرين والخليج العربي
أحمد الديين


 


 
لا يمكن الحديث عن مستقبل القوى والعناصر اليسارية في البحرين والخليج العربي أو محاولة استشراف آفاق نضال هذه القوى والعناصر بمعزل عما تواجهه هذه القوى والعناصر اليوم من تحديات سياسية واقتصادية – اجتماعية ووطنية ونضالية وتنظيمية ليست بالهينة، وهي تحديات قد تؤدي إن لم يتم مواجهتها بنضال مستمر وعمل دءوب إلى تراجع هذه القوى والعناصر سياسياً وانحسار ثقة الجماهير عنها.
 
فما هي هذه التحديات؟
 
أولاً: التحديات الاقتصادية – الاجتماعية :

  • يكمن التحدي الاقتصادي أمام القوى اليسارية في النضال ضد التوجهات النيوليبرالية التي تدعو إلى إلغاء الدور الاقتصادي للدولة، وتصفية المكتسبات والضمانات الاجتماعية، وتحلل الرأسمال من مسؤوليته الاجتماعية في تمويل الميزانية وتوفير فرص العمل .
  • المشاركة في قيادة النضال المطلبي من أجل تحسين مستوى المعيشة وظروف العمل وزيادة الأجور، إلا أنه يجدر التوضيح بأن القوى والعناصر اليسارية ليست نقابات عمالية تعبر عن المصالح الآنية الاقتصادية، إنما تمثل المصالح الكلية للطبقة العاملة والفئات الشعبية وذوي الدخول المتدنية والمهمشين.
  • كما يكمن التحدي الاقتصادي في دور القوى والعناصر اليسارية في كشف المحتوى الطبقي للسياسات الاقتصادية للسلطة وحلفها الطبقي والتصدي لتوجهاتها في الانقضاض على المكتسبات العمالية والشعبية (الخصخصة وتصفية القطاع العام، خصخصة التعاونيات، المساس بالحقوق التأمينية، وعدم تحميل القطاع الخاص مسؤولياته الاجتماعية، فرض ضرائب غير عادلة مثل ضريبة القيمة المضافة بدلاً من الضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة)
  • فضح المحتوى الطبقي للتشريعات والقرارات المنحازة لمصالح الرأسماليين (قانون العمل، قانون الإيجارات، قانون الميزانية)

  •  



ثانياً: التحديات السياسية:

  • يكمن التحدي السياسي في دور القوى والعناصر اليسارية في النضال ضد السلطة وحلفها الطبقي المسيطر التي هي العائق أمام التطور الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية، ودفاعاً عن المكتسبات الديمقراطية وإقامة نظام برلماني ديمقراطي.
  • التصدي للهجمة الواسعة للسلطة على الحريات والنضال من أجل إطلاق الحريات الشخصية والعامة والدفاع عن الحقوق والمكتسبات الديمقراطية.
  • التصدي للفساد الذي أصبح جزءً من بنية الرأسمالية وكشف رعاية السلطة له.
  • النضال من اجل الإصلاح الدستوري الديمقراطي المستحق للانتقال إلى نظام برلماني ديمقراطي كامل.

  •  



ثالثاً: التحديات الوطنية:

أن تكون القوى والعناصر اليسارية في تمثيلها للفئات الشعبية عابرة بحق للطوائف والقبائل والفئات والمناطق، وأن ترفض النعرات الطائفية والقبلية والمناطقية والفئوية، مع التأكيد على أن الانقسام الحقيقي في المجتمع هو الانقسام الطبقي.
 أن تتمثّل القوى والعناصر اليسارية قيم الدولة المدنية مع الرفض الواضح للدولة  الدينية أو ما يسمى الدولة المدنية بمرجعية دينية، من دون تنكر للهوية الحضارية ومن دون مساس بالعقيدة الدينية.


رابعاً: التحدي النضالي:

أن تندمج القوى والعناصر اليسارية في المجتمع فهي ليست نخبة مثقفة معزولة عن المجتمع وعن حركته، ولن يعترف المجتمع بها كطليعة نضالية إلا بمقدار عملها وسط الجماهير الشعبية وتحسسها مطالبها وتلمسها همومها ورفعها مستوى وعيها وتعبئتها وتنظيم صفوفها، فاليساريون ليسوا بديلاً عن حركة الناس، وإنما هم جزء لا يتجزأ منها بعيداً عن التعالي والفوقية.


خامساً: التحدي التنظيمي:


أن ينظم اليساريون أنفسهم ويوسعوا صفوفهم.
وعندما ننتقل من هذه التحديات الراهنة إلى محاولة استشراف الآفاق المستقبلية للقوى والعناصر اليسارية في البحرين والخليج فسنجد أنها مرتبطة على المستويات الموضوعية بما يلي:

– احتدام الأزمة العامة للنظام الرأسمالي العالمي واشتداد تناقضاته البنيوية.
– المد الثوري في المنطقة العربية، مع الأخذ بعين الاعتبار تناقضاته وتعقيداته.
– تغير موازين القوى في العالم والمنطقة والبلد.
– تفاقم التناقضات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في بلدان المنطقة (البطالة، التضخم، التهميش، انسداد الأفق التنموي، الفساد، التبعية، الانفراد بالسلطة، تقليص الحريات).
– تبلور الأوضاع الطبقية في المجتمعات الخليجية (اتساع حجم الطبقة العاملة عبر اتساع قاعدة العاملين بأجر – تردي أوضاع الطبقات المتوسطة جراء المزاحمة غير المتكافئة مع الرأسمال الكبير – اتساع قاعدة المتضررين من السياسات الاقتصادية النيوليبرالية- اشتداد الميل نحو تمركز الانتاج وتركز رأس المال).
 
وهي آفاق مرتبطة على المستويات الذاتية بما يلي:

– إجراء مراجعات تحليلية نقدية عميقة وجريئة، لماذا تراجعنا؟ هل فقط بسبب قمع السلطة وهجومها؟ أم جراء أوضاعنا العامة الاقتصادية والاجتماعية؟ أم بسبب الطبيعة الطبقية لقيادات اليسار وتغلغل التوجهات الليبرالية داخلها؟
– التخلي عن النهج التصفوي وإعادة الاعتبار للتنظيم المستقل، ما حدث في السعودية والكويت وعمان، وإلى حد ما حدث في البحرين.
– إعادة الاعتبار إلى النظرية الماركسية مع التخلي عن الجمود العقائدي والتصدي للنزعات المتياسرة الفوضوية والمغامرة من جهة وكذلك للتوجهات اليمينية المستسلمة وتمييز أنفسنا عن الليبراليين.
– الاستناد إلى التحليل الطبقي والموقف الطبقي في تفسير الأزمات والمشكلات وعند تحديد التوجهات والمواقف.
– انتهاج سياسة صائبة تستند إلى استراتيجية واضحة لمهام التغيير الوطني الديمقراطي بأفق اشتراكي وتأكيد دور الطبقة العاملة والفئات الشعبية في قيادته، بدلاً من الاستسلام لدعوات الدور القيادي للبرجوزاية في هذه المرحلة.
– النضال من أجل تغيير الواقع وعدم حصره في النضال ضد الأفكار… النضال ضد السلطة وحلفها الطبقي وليس النضال ضد الموروث.
– الصلة الحيّة مع الناس، وإعادة الاعتبار الى الدور النضالي للتقدميين وعدم الانعزال عن الحراك، مع الحفاظ على الاستقلالية والموقف النقدي المميز.
– الإبداع في أساليب العمل وفي الشعارات وفي أشكال التنظيم (مثلاً حملات الضغط).
– فهم جدلي لدور العوامل غير الاقتصادية (الطائفة والقبلية والمناطقية والفئوية) في تحريك الجماهير وتعبئتها، وخطأ تجاهلها أو اعتمادها أساساً للنضال السياسي.
– وحدة القوى والعناصر اليسارية والتعاون مع القوى الوطنية والديمقراطية، وخلق القطب الوطني الديمقراطي.