مبادرات الحزب الشيوعي العراقي في تشكيل التيار الديمقراطي بعد الحرب
بقلم : علي الحداد
الحلقة السابعة
يواصل رفيقنا عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي العراقي جاسم الحلفي بأسلوبه الشيق في كتابه “التيار الديقراطي في العراق –الواقع والآفاق المحاولة الأولى والثانية والثالثة لتشكيل التيار الديقراطي موضحا الأطر التنظيمية والآليات الداخلية لإدارة هذا التيار .
المحاولة الأولى:-
اللقاء السداسي: –
الذي ضم الحزب الشيوعي العراقي – الحركة الاشتراكية العربية – الحزب الوطني الديمقراطي – وجماعة عدنان الباجه جي – والحزب الديمقراطي الكردستاني – الاتحاد الوطني الكردستاني.
استمرت لقاءات وحوارات واجتماعات من أجل بلورة صيغة مناسبة للتعاون الوطني – وكان آخر هذه اللقاءات اللقاء التشاوري في 21/12/2003م، بحضور الأحزاب الستة وشخصيات وبعض الهيئات من أجل تثبيت خطوة مهمة في تعزيز الجهود المشتركة.
عملت اللجنة في مرحلة انتخابات 2004 ومع مجيء الانتخابات دخل كل حزب لوحده.
الاحزاب الكردستانية دخلت في قائمة كردستانية وكان الهدف الدخول في قائمة موحدة ولكن الجهود باءت بالفشل. ، وكان تصورهم بأن بدخولهم المنفرد سيحققون نتائج كبيرة ، بينما كانت النتائج حصولهم على أصوات بسيطة لم تتجاوز 2000 صوت.
المحاولة الثانية:-
اتفقت 3 أحزاب هي الحزب الوطني الديمقراطي، والحزب الشيوعي العراقي، والحركة الاشتراكية العربية في 8/11/2007، في تأسس نواة تشكيل التيار الديمقراطي بين الأحزاب الثلاثة ثم تتوسع بضم منظمات وشخصيات وطنية أخرى.
وتم تشكيل لجنة تنسيق العمل.
وفي أجتماع آخر 16/11/2007، تقرر فيها تهيئة مذكرة تدون فيها مطالب التيار الوطني لتوقيعها من الشخصيات الوطنية والديمقراطية والقومية، وتقرر في اجتماع موسع لهذه القوى توسيع دائرة التيار الديمقراطي اذ أنضمت إلى التيار أحزاب آشورية وكلدانية وكيانات وطنية صغيرة وشخصيات أصبح عددها 23 حزباً ، لكن النشاط اقتصر على إصدار البيانات وعقد اجتماعات ولقاءات داخلية مما جعلها محدودة التأثير على المجتمع.
لم تثمر هذه المحاولات في استنهاض التيار الديمقراطي وأبت هذه المجموعة عندما يقترب الاستحقاق الانتخابي إلا أن يذهب كل طرف إلى إتجاه آخر ، ولم يستطيعوا تشكيل قائمة موحدة للانتخابات وفشلت التجربة وضيعت فرصة ثمينة في استثمار تراجع المد الطائفي وتدهور سمعة الحزب الطائفي.
المحاولة الثالثة:-
تواصلت المحاولات لتوحيد صفوف التيار الديمقراطي بشتى مشاربه ومرجعياته السياسية والفكرية وبحثوا المطلوب من الأحزاب والقوى و الشخصيات الديمقراطية وأهمية ادراك المسؤلية الملقاة على عاتقها، وبذل أقصى الجهود لإنجاح هذا المشروع لأن فشله يعني أن الساحة العراقية ستظل مصبوغة بالطائفية السياسية مما يؤدي إلى انهيار التجربة الديمقراطية.
وكان أول اجتماع في 4/4/2009، في نادي العلوية ضم الاجتماع ثلاث عشر شخصية.
د. أحمد إبراهيم- كامل مدحت- د.جواد الديوان- د.عامر فياض- رائد فهمي- جاسم الحلفي- د. صبحي الجميلي- د. حسان عاكف- د. ثابت السعدي- الشخصية القانونية هادي عزيز- د. عامر العيسى- باسم جميل- باسم الزبيدي.
بحثوا في الاجتماع فكرة تأسيس التيار الديمقراطي وأقروا ورقة عمل عنوانها ” مشروع برنامج تنسيق عمل قوى وشخصيات للحركة الوطنية في العراق”، و بحثوا في الاجتماع السبل والإمكانيات التي من شأنها ان تعزز دور التيار الديمقراطي في الحياة السياسية. واتفقوا ان يتم بحث تشكيل التيار الديمقراطي بطريقة ليست فوقية وانما بطريقة جديدة إنطلاقاً من قناعة مفادها ” استنهاض التيار الديمقراطي ضرورة تفرضها التطورات الحاصلة في البلد، والحاجة إلى لملمة صفوف التيار وتجميع قواه وزيادة وزنه وتأثيره في الحياة السياسية.
وقرروا عقد لقاءات تمهيدية للناشطين الديمقراطيين في بغداد وكان كل لقاء يعطى له رقم صفر كي لا يشعر الذي يأتي ويشارك في الاجتماع اللاحق ولم يتسنى له حضور الاجتماع الأول، انه انظم إلى جهة دون ان يكون له رأي فيها. وهكذا سارت التحضيرات حتى انعقاد مؤتمر تمهيدي يوم 16/10/2009، في فندق بابل ناقش (( مشروع برنامج تنسيق عمل وشخصيات الحركة الديمقراطية في العراق )).
لكن المؤتمرين لم يتفقوا على قائمة انتخابية تجمع القوى الديمقراطية، وإنما ارتأى كل طرف أن يخوض الإنتخابات بالطريقة التي يراها مناسبة له ، منهم من أنضم إلى (دولة القانون) ومنهم من انظم إلى ( الإتلاف الوطني ) فيما خاض الآخرون بقائمة ديمقراطية خاصة باسم (اتحاد الشعب).
جاءت الانتخابات 2010 مخيبة للآمال حيث لم يتم أي تمثيل للتيار الديمقراطي في البرلمان وإن الاصوات التي حصدها التيار الديمقراطي والتي تراوحت ما بين 500 آلف إلى مليون صوت هدرت وتم الإستحواذ عليها من القوائم الإنتخابية الكبيرة.
مما حذى إلى مراجعة نقدية لتلك التجربة واستخلصوا منها أهمية مواصلة العمل المشترك وسارعوا إلى إعادة اتصالاتهم وتنسيق عملهم وعقدوا المؤتمر الأول الذي انطلقت منه تشكيل التيار الديمقراطي عبر مؤتمر صحفي للتحالف بين الأحزاب السياسية والشخصيات التي انضمت كشخصيات مستقلة في إطار تنظيمي اطلق عليه ” التيار الديمقراطي” وتم تعميم التجربة على كل المحافظات العراقية ومن ثم المؤتمر العام الذي عقد في بغداد يوم 22/10/2011. أقر المؤتمر برنامج للتيار الديمقراطي ،ونظامه الداخلي ، وانتخبت فيه اللجنة العليا والمكتب التنفيذي .
وبعد تعديل مادة قانونية حول إنتخابات مجلس المحافظات والتي جرت في 20 نيسان/ أبريل 2013، حصد التيار الديمقراطي عشرة مقاعد في مجالس المحافظات. كما خاض التيار الديمقراطي في 30/4/2014 الإنتخابات تحت قائمة “التحالف المدني الديمقراطي ” تحت شعار نحن البديل ” فاز بخمسة كراسي ثلاثة من القائمة وكرسيين مستقلين .
الأطر التنظيمية والآليات الداخلية لإدارة عمل التيار الديمقراطي :
أ)الفكرة الأساسية لنشكيل التيار :
وضع إطار للتيار الديمقراطي له ملامح واضحة ومعروفة، محددة مستفيدة من الدروس السابقة من التحالفات يسمح بفضاء للنقاش ويسمح بتنوع الإختلافات وتعدد الإتجاهات ، ولكن في نهاية المطاف العمل بوجهة نظر واحدة عبر برنامج يتفق عليه .
ب) البعد النخبوي والمجتمعي للتيار الديمقراطي:
وضع التيار الديمقراطي اللبنات الأولى للتيار، فأسسوا الكيان وعقدوا المؤتمرات وأنتخبوا قيادتها في العاصمة والمحافظات الأخرى وخارج البلاد كل ذلك من أجل تثبيت المسار الديمقراطي المجتمعي ، وفشل التيار يعني ستظل الساحة السياسية العراقية مصبوغة بالطائفية السياسية والتي تهدد في مضمونها التجربة الديمقراطية برمتها ، لذا ركز التيار الديمقراطي في حركته على الوسط الجماهيري ، لأن الجماهير هي صاحبة المصلحة الحقيقية للتغيير وتنعكس هذه المصلحة في بعدها الإنتخابي عند إختيار ممثلي التيار الديمقراطي الممثلين الحقيقيين لعملية التغيير .
ث ) محددات التشكيل:
إعتمد تشكيل إطار التيار على ثلاثة محاورأساسية هي:
1) إطار تنظيمي مرن :
يستوعب الأحزاب السياسية والتنظيمات، وكذلك الشخصيات ، ويوفر إمكانيات توحد مساعي الحركة الديمقراطية في العراق ،ويتسع ليشمل القوى والفئات المجتمعية الحية وإتحادات ومنظمات مجتمع مدني .
2) محتــوى فــكري :
يعتمد أساسا على قاعدة الديمقراطية الإجتماعية وهي الوجه الآخر للديمقراطية السياسية، والتي تتضمن العدالة الإجتماعية ، وحق العمل والتقاعد، وتوفير الضمانات الإجتماعية ومن ضمنها العلاج الطبي والتعليم المجاني، وحق الإسكان و محاربة الفقر أي لا حرية لجائع محتاج ، وأن الإنتخاب لا ينفصل عن لقمة العيش .
3) السياسة الواقعية :
يرسم التيار سياسة ناقدة أي إعتماد خطاب سياسي واقعي رصين يعتمد المتابعة الدقيقة للوقائع والأحداث ويحللها علميا ، ويتخذ موقف منها بلغة خطاب موضوعية ، غير حاد وغير متشنج . وبهذا المعنى فالتيار الديمقراطي لا يعادي أحدا من الأحزاب المشاركة في العملية السياسية ، لكنه منافس يحمل رؤية بديلة ولا يتخذ نهج المواجهة العنيفة مع التجمعات السياسية والدينية سواء كانت في السلطة أم خارجها ، سياسة مد الجسور بين الجميع لا سياسة حفر الخنادق بينهم .
المشاركة السياسية:
أ) المشاركة رسمية – حكومية (تشريعية – وزارة ):
شارك التيار الديمقراطي كقوى وليس ككتلة من خلال بعض القوى المحسوبة عليه أو تنتمي له ، وكانت ضمن مشروع موحد تحت عنوان” التيار الديمقراطي ” في مجلس الحكم والوزارة والبرلمان واصفا المشاركة في مجلس الحكم بهدف إعادة بناء مؤسسات الدولة ، ومن واجب التيار الديمقراطي و قواه أن تسهم في هذه المهمة الكبيرة ولا تقف متفرجة على ذلك . ومثل التيار الديمقراطي ” الحزب الشيوعي العراقي –والحزب الوطني الديمقراطي ” وهنا يؤكد لنا الرفيق جاسم الحلفي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي وبكونه مشاركا في مجلس الحكم بأن مشاركة الحزب الشيوعي العراقي في مجلس الحكم منطلقا لإعتبارات عدة :
منها موافقة غالبية الأحزاب والقوى السياسية الأخرى والجماعات القومية والدينية والطوائف على الإنضمام إلى المجلس وإن غاب بعضها لأنه أستبعد بالضد من رغبته .
ب) المشاركة في الإنتخابات :
نافس التيار الديمقراطي في جميع الإنتخابات التي جرت في العراق بعد التغيير ضمن قوائم متعددة ، وحصل في جميع الإنتخابات على تمثيل محدود ، ما عدى إنتخابات مجلس النواب في 2010 فلم يحصل التيار الديمقراطي على أي تمثيل ، وذلك بسبب قانون الإنتخابات والذي يعطي القوائم الكبيرة الحق في منح المقاعد الشاغرة . وبعد تعديل في بنود الإنتخابات حصد التيار وحلفائه في إنتخابات مجالس المحافظات التي جرت في 20 نيسان/ أبريل 2013 على عشرة مقاعد في كل المحافظات، أما إنتخابات مجلس النواب العراقي في 30 نيسان 2014 فقد حقق التيار الديمقراطي على ثلاثة مقاعد ومقعدين من خلال تمثيل مستقل أي المجموع خمسة مقاعد .
ج) المشاركة غير الحكومية والحراك المجتمعي :
نظم التيار الديمقراطي العديد من المؤتمرات الشعبية والشبابية ففي 16 أذار/ مارس 2012 , في قاعة المركز الثقافي النفطي في بغداد وبحضور قوى وشخصيات ديمقراطية وطنية وأساتذة جامعات ومنظمات مجتمع مدني وناشطين في حقوق الإنسان فضلا عن حضور واسع للشباب والنساء وكان إنعقاد المؤتمر نتيجة المتطوعين الديمقراطيين وبالتنسيق مع لجان التيار الديمقراطي بعقد مؤتمرات في جميع محافظات العراق لحل الأزمة في العراق ، وتعممت التجربة في جميع المحافظات العراقية ، وساهم التيار الديمقراطي في تظاهرات 25 شباط / فبراير 2011، المطالبة بتحسين أوضاع المعيشة ومحاربة الفساد وإصلاح النظام وساهم التيار في تأسيس النقابات ومنظمات المجتمع المدني ، إنطلاقا من فهم للمجتمع المدني بوصفه أحد أركان الديمقراطية .