ودعنا عام 2014 الذي وجدناه طافحاً بالسلبيات والهزات، وكل ما هو في غنى عن تعريف.. ودخلنا عاماً جديداً، وليس أمامنا الا ان نستقبله متطلعين بان يفتح باب الأمل والانفراج ولو نصف فتحة، وان يغلق باب الإحباط واليأس والتشاؤم ولو نصف إغلاقة..!!
الأمل والرجاء والتطلع بتذليل ما يتيسر من جبل العقبات والإعاقات والمعوقات والخيبات والخلافات والاختلافات والخصومات والمواجهات والتعقيدات المفتعلة وتلك التي باتت من إفرازات هذا الواقع، وكلها كبدتنا خسائر فادحة في نفوسنا وأحلامنا..!
البحرينيون يتذكرون جيداً كيف ان فرصاً وفيرة فوتت من كل الأطراف، وكان من شأن استغلالها واستثمارها والبناء عليها إحداث ما يمكن إدراجه في خانة الإيجابيات التي طال انتظارنا لها، وكم هو بالغ الأسى والأسف اننا ألفنا تفويت الفرص في مختلف الحقول والميادين والمجالات وبذرائع شتى وبشكل لا يجعلنا ننام قريري العيون..!!
صحيح، ما كل ما يتمنى المرء يدركه.. ولا كل ما يتمناه البحرينيون من انجاز، من انفراج، من إزالة الهواجس التي تعشعش في النفوس، ممكن التحقيق ما بين ليلة وضحاها، ولكن الصحيح أيضاً ان الإرادة الحقة اذا توفرت وأدرجت ضمن البند الأول في جدول اعمال وطني بحق، فانه يمكن ان نحقق الخطوة الأولى التي تمضي بنا في الاتجاه المأمول والصحيح.
الصحيح أيضاً.. ان علينا ان نعي بانه بات من الملح لبلوغ تلك الخطوة، ان يتوقف عبث هؤلاء أهل النفاق والحماقة والشقاق، والمزايدين والمتاجرين بالمبادئ والوطنية الذين دأبوا على تحويل أزماتنا الى فرص واستثمارات، وهؤلاء كثر من كل الأطياف والأطراف، واحسب ان هؤلاء او معظمهم معروفون بالأسماء، والأدوار، والأسباب، وبالتفاصيل، هؤلاء فوجئنا بهم يمتلكون قوى خارقة في نصب الفخاخ فى كل الأمكنة، في ضخ الأزمات واستعادتها وإعادة إنتاجها بطريقة اشد فظاضة وفائقة الفجاجة، فعلوا ذلك بحرية تامة، وبحرية زائدة، وبدور فاعل بالصوت والصورة والنص والفعل أيضاً، واللبيب يفهم..!!
أسوأ ما في هؤلاء، ما في المشهد برمته، حين عشنا بفضل هؤلاء الذين جرفتهم انتهازية عبثت بكل المعاني الوطنية، حالة من الارتباك والحيرة والتجهيل والانسداد، كما عشنا بفضل هؤلاء أيضاً إخفاقات لا قدرة لنا على تحملها، وحتى على قراءتها كما هي، وننسى او نتناسى ان العيب ليس في هؤلاء وإنما في الرضى بهم، في الاستكانة لهم، في التغاضي عن خطرهم، في العجز عن استجماع الإرادات والعزائم والتضحيات لرفض ما يقومون به، والخروج من الحال الذي أوصلونا اليه..!!
حقاً ليس من الضروري ان نتوقف طويلاً عند لائحة المطالب والتمنيات لدى جميع البحرينيين في العام الجديد، ونحن في مستهله، ربما لأنها معروفة، ولكن قد نكون في حاجة الى التذكير المعجل والمكرر بان كل يوم، وكل ساعة، بل كل دقيقة نضيعها في عدم حلحلة هذا الوضع، في عدم تجاوز تداعيات الأزمة لا تكريسها، في وقف تغلغل النفس الطائفي، وعدم جعلنا أسرى انانيات ومعادلات انتهازية واحقاد وطائفية ومذهبية البعض، في رفض ونبذ من يريد ان نتلظى بالصراعات والانقسامات والانشطارات، ومن لا همَّ له إلا وأد او تسفيه او تضييق أفق البحث عن مخرج، اننا بذلك نكون نتجنى على وطننا وانفسنا وعلى أبنائنا واجيالنا.
هل من الصعب ان نعي هذه الحقيقة، وان نتجاوز هذا الوضع في هذا العام الجديد..؟! هل يمكن ان يكون هذا العام أفضل..؟ أم نظل عاجزين عن النهوض بالوطن، نترك العقل وراءنا ونستمر نصارع في آفاق غير الآفاق المطلوبة ونعيش المشاكل وننحر اي أمل في الحلول..؟!
وهل نعي قبل كل شيء ان من يتأخر عن الانطلاق لمعالجة وضع بائس يصبح سجيناً لهذا الوضع..؟! وهو وضع ثقيل على انفسنا كما تثقل على السجين أغلاله..!
تلك هي الأسئلة، وتلك هي المسألة.. أراهن أنكم تشاركوني الحرص للانصراف الى فحص ضمائرنا كي نمضي باصرار في خانة الوطن، لا خانة الطائفة، وشكراً لكل من تجرأ ويتجرأ من اجل تكريس هذا الهدف كي لا نتمادى بالسير في الطريق اللا معقول، طريق الخيار بين الجحيم وجهنم..!! حقاً اين كنا وأين صرنا..؟!!