حقيقةً و بعد نشر الموضوع السابق على موقع التقدمي و الذي تحدثنا فيه عن صفات الشخصية النقابية الانتهازية، وهي بطبيعتها ليست سلبية بل هي الاخطر على مجمل التنظيم النقابي. حينها قد أشرت الى اهمية التواصل في الكتابة عن شخصيات نقابية اخرى في إطار نشر المعرفة في ثقافة المفاهيم و الادبيات النقابية، و منها التي تشير الي تصنيف الشخصيات النقابية ذات الارتباط بالحراك النقابي و العمالي للأهمية.
حقيقةً قبل أن أعرج على التعريف بوصف الشخصية النقابية الآتية، أريد أن اتحدث قليلاً عن الكادر النقابي أينما كان موقعه، في وسط حزب سياسي او في وسط الانشطة ذات الصلة بقضيا عمالية او التنظيمات النقابية. في الواقع من المعروف ان من يديرون مثل هذه الانشطة لابد و ان يطلق عليهم اسم الكوادر النقابية او العمالية، ذلك بمختلف تخصصاتهم و قدر المهام التي يقومون بها، و اهم ما في الامر بالنسبة للكادر النقابي هو اتقان مهمة التخطيط و من ثم رسم آليات التخطيط، و أيضاً وضع الاهداف و البرامج حتى يصل بها لمرحلة العمل على تنفيذها و ضرورة التحلي بالمو ضوعية و المرونة في طرح الحلول المناسبة لأي انشطة او اهداف خصوصا تلك التي قد تعترضها مشاكل، او بعض من القضايا التي تحتاج ان يضع لها الكادر الحلول المناسبة مع الدراسة لكل فترة زمنية على ضوء القراءة للواقع والمستجدات والتطورات والظروف الذاتية والموضوعية.
وعليه وجب على من يصلون لمستوى الكوادر الذي لابد من ان تتوفر فيهم سمات عديدة حتى يتمكنوا من إدارة الانشطة بشيء من الاحتراف، بعيداً عن التخبط و الانجرار وراء المتاهات او الاعتماد على البعض لان الإتكالية يجب ان لا تكون سمة من سمات الكادر النقابي بغض النظر عن اهمية العمل المشترك.
ايضاً من الصفات الجميلة و المؤثرة في الكادر النقابي هي تحمل المسؤليات و الاخلاص لقضايا العمال وسائر الشغيلة، و الاستمرار في تحمل المسؤلية بدون تنا زل خصوصاً في الاوقات الصعبة التي تحتاج لإنقاذ التنظيم النقابي لو تعرض للخطر وعدم اللجوء لخلق اعذار أو مبررات للتراجع، او من اجل التغطية على السلبيات الناجمة عن القصور في حالة عدم المقدرة على تنفيذ المهام المنوطة به، و عليه ان يتحلي الكادر النقابي او العمالي بقدر من الديمقراطية بعيداً عن عقلية التصلب و الانفراد خصوصا في اتخاذ القرارات الحاسمة او المصيرية ذات الصلة بالتنظيم النقابي او العمالي.
ما هي صفات الشخصية النقابية القيادية المؤثرة؟
حقيقةً من الجيد ان نربط العنوانين معاً لانهما متقاربين جداً، الا ان الحديث عن الشخصية النقابية القيادية المؤثرة قد ينفرد فيها القادة قليلاً بصفات و خصوصيات، و بسمات غاية في الاهمية من حيث قيادة النقابة، ثم اختصر ذلك في ما يلي:
1- مسألة ضرورة التدرج لقيادة و ادارة التنظيم النقابي من خلال التدرج في تحمل المسؤليات، حتى ان يصل لمرحلة احتراف القيادة من خلال توفر الفرص للتعليم في ادارة شؤون النقابات و الحركة العمالية، و ان يخضع الكادر للصقل من خلال التدريب و التدريس و التثقيف من اجل زيادة الكفاءة الفكرية و العملية و القدرة على تحمل المسؤوليات، و ان يكون مستوعبا لكل ما يحيط بجسم التنظيم النقابي و ان لا يكون آتٍ من القمة، بل متدرجاً من القاعدة. ايضاً يجب ان لا يكون قائداً و هو لا يعرف شيء عن الشأن النقابي، بل يجب ان يكون ملم بكل هموم العمال او القطاعات ذات الصلة بالتنظيم النقابي.
2- يجب ان تتوفر عند القائد النقابي صفة المقدرة على ان يحول الافكار الجيدة لأهداف من خلال التمتع بالوعي الحقيقي، و امتلاك الشخصية المؤثرة في شؤون الحركة العمالية والنقابية، و ان يكون صاحب فكر يصب لصالح الطبقة العاملة كي يحول الاهداف الى برامج وخطط، و العمل على تنفيذها على المستوى القريب والبعيد في المنظور الاستراتيجي الشامل الذي يصب في النهاية لصالح النقابة و العمال والحركة النقابية بشكل عام.
3- التحلي بروح المصداقية و بناء علاقات حميمة مع كل الافراد و الجماعات ذاة الصلة بالتنظيم النقابي والانشطة العمالية و الافضل ان يكون محبوبا لينال ثقة و احترام الجميع، و لابد ان تكون لديه المقدرة على وضع الحلول و البدائل في حالة الاعتراض، ايضاً من صفة القائد النقابي عدم التهرب من المسؤولية و الالتزام بخط الانضباط وعدم التراجع او التخاذل في أي أمر يكون ضاراً بمصالح العمال او بمصلحة النقابة او الانشطة العمالية، و بعيداً عن أي نوع من تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة.
4- ان صفة القائد النقابي لا تقل عن صفة المناضل الذي لابد و ان يعرف جيداً المسلك للطريق السليم الذي يحفظ فيه سلامة التنظيم النقابي، و يساعد في استمرارية النقابة و تطويرها وتعزيز موقعها في أوساط جماهير العمال، ومن ثم الاستمرار في خلق الاجواء لنمو و تزايد القاعدة النقابية الواسعة، من خلال اقناع العمال وسائر الموظفين بضرورة الانتساب للنقابة و دعم النقابة، و الالتفاف حول النقابة عن طريق الاقناع السلمي و تحفيز و تيرة التطوع للانخراط في الانشطة و البرامج، ذلك من خلال التعريف بدور النقابية لمن لا يعرفون و تشجيع العمال من خلال تو سيع الانشطة الجماهيرية و الاجتماعية في وسط القواعد و التجمعات العمالية في وسط المصنع او المنشأة او القطاع المهني.
5- ان للقائد النقابي المحنك الدور الرائد في اكتشاف الاخطار التي سوف تداهم النقابة اين كان مصدرها، و عليه ان يتخذ القرارات الحاسمة في سبيل تجنب حدوث الاخطار قبل و قوعها، ذلك من خلال ما يمتلك من وعي نقابي في وسط الانشطة المستمرة في صفوف العمال، و وضع البرامج التعليمية و التثقيفية و التدريبية لخلق عناصر عمالية واعية لا تصاب بالامراض التي تدمر الهيكل النقابي مثل مرض الانهزامية، الاتكالية، الانتهازية، الانانية و الفوضوية.
حقيقةً نحن في البحرين قد مرت علينا تجارب عديدة في مسألة عدم قدرة البعض من رؤساء النقابات في التمكن من تحمل المسؤوليات، ذلك نتيجة لافتقارهم للمفهوم النقابي وضعفهم الثقافي والنظري، وعدم قدرتهم على تحمل المسؤوليات خصوصا من يفتقرون الى صفة الاصرار و التضحية، و لكن الاوضاع هي التي قد جعلت منهم في قمة الهرم، وعليه قد فشلت تلك النقابات في الاستمرارية لعدم القدرة على استقطاب الموظفين او العمال، و ذلك ناتج لعدم تواصل القيادة مع القاعدة العمالية او الموظفين، و هذه نتيجة لعدم و جود عناصر القوة المطلوبة لمثل هذه القيادات النقابية، خصوصا و منهم من اصبحوا عرضة للمساومة على مصالح العمال و وحدة الحركة النقابية، و عليه ان هناك نقابات اصبحت شبه خاوية رغم وجود الالآف من الموظفين في هذا المصنع او القطاع وهذا له اسبابه المختلفة، و في المقدمة عدم التوفيق في اختيار القائد النقابي المناسب الذي تتوفر فيه صفات الشخصية النقابية القيادية المؤثرة.
نعم اذا لم تتوفر مثل هذه الشروط التي ذكرت سلفاً في القائد النقابي، حتماً سوف تداهم الاخطار الجسم النقابي و حينها سوف تتآكل هياكل النقابة من الداخل، و تصبح ضعيفة لا تستطيع الدفاع عن القضايا العمالية، ذلك نتيجة للتناقضات بفعل عوامل عديدة التي تسرع بالانهيار للنقابة، او ان تكون النقابة هيكل فقط لا يخدم التطور للمسار النقابي المنشود ولن تستطيع النقابة ان تستمر و تتطور بفعل القيادات الانهزامية و الاتكالية.
الكاتب: جواد المرخي
مسؤول التثقيف في لجنة قطاع النقابات / المنبر الديمقراطي التقدمي