شارك حشد كبير في حفل التأبين الذي أقامه المنبر الديمقراطي التقدمي في ذكرى مرور اربعين يوما على وفاة الكاتب والأديب الرفيق عبدالله خليفة.
وتم في الحفل القاء العديد من كلمات الرثاء والقصائد الشعرية من بينها كلمة الامين العام للمنبر الديمقراطي التقدمي التي جاء فيها:
عملنا جاهدين خلال الفترة القليلة الماضية على جمع بعضا مما كتب حول الراحل الكبير الرفيق عبد الله خليفه، وهو جزء يسير مما كتب وسيكتب عن سيرة هذا المناضل الفذ الذي افنى جل حياته باحثا وكاتبا وروائيا ومناضلا ومفكرا تقدميا في صفوف الحركة الوطنية والأدبية البحرانية، حيث انتمى الى صفوف مناضلي ومناضلات جبهة التحرير الوطني البحراني في العام 1966 وهو الذي عرف قبلها قائدا طلابيا ونقابيا شجاعا اثناء انتفاضة مارس المجيدة عام 1965، كما عرف عنه شغفه الكبير ومثابرته الدؤوبة على قراءة ومتابعة كل ما يتصل بالفكر وبقضايا الكادحين والطبقة العاملة وقضية الصراع الطبقي، فقد تبحر الراحل الكبير كثيرا في تحقيق قراءة علمية ناقدة وجسورة، ميزته عن سواه على مستوى المنطقة حين اهتم وبشغف كبير في تحقيق قراءة مؤصلة في تاريخ الثقافة العربية والاسلامية، وموظفا ما اتيح له من أدوات النقد العلمي لسبر أغوار تلك الثقافة وأسباب نهوضها وانكساراتها وتراجعاتها، مستندا في ذلك على ما توافر لديه من عمق والمام واسع بأدوات التحليل العلمي الماركسي اللينيني لمختلف الظواهر والتحولات الاجتماعية والسياسية.
وعندما نحتفي في هذه الأمسية الوداعية الحزينة برحيل هذا المناضل الشجاع فاننا نستذكر بالفخر سيرة مناضل من اولئك المناضلين الكبار الذين عرفتهم السجون والمعتقلات، ولازمتهم عاهات التعذيب، وعركتهم الحياة وذاقوا مرارات الفقر والحرمان والتهميش والاقصاء، نظير مواقفهم الوطنية وصلابتهم في الدفاع عن المبادىء التي آمنوا بها، وعلى المستوى الأدبي والسياسي رفض كينونة النخب الصماء، وبقي وفيا لمبادئه وقيمه ورسالة حزبه، مهموما بقضايا العمال والكادحين وعذابات المهمشين، ووعى باكرا أسباب تراجعات وانكسارات وسقوط القيم والمبادىء في وجه العواصف والمحن، فكان بحق مشعلا مضيئا من مشاعل الحرية والنور والتقدم. تلك صفات تعلمناها منذ خطواتنا الأولى على طريق النضال نحو بناء وطن تظلله العدالة والحرية، ونفخر أن يكون رفيقنا الراحل عبد الله خليفه احد معلمينا الكبار الذين ستبقى لهم في الذاكرة مزايا وبصمات لا تقبل التلاشي وعصية على النسيان.
عبد الله خليفه ابن فريق العمال ورفيق العمال والفقراء والكادحين، قرأناه وهو يكتب بحرقة عن حرائق اكواخ السعف وعذابات البحر والبحارة، وموت العمال في مصانع الموت، وجشع سراق المال العام وخبز الفقراء، وغياب العدالة الاجتماعية، واضطهاد النساء وسطوة الجهل والتخلف وتبعات الحرمان، فقد اثرى مكتبتنا الوطنية بنتاجاته الأدبية والفكرية الغزيرة وبرؤاه السياسية ونقده الأدبي العلمي الرصين، فكان في طليعة من كتبوا الأحرف الأولى لترسيخ نهجنا الفكري والنضالي ابان تأسيس تنظيمنا الوطني الشامخ المنبر الديمقراطي التقدمي، تعلمنا منه كيف يكون الاختلاف صحيا ومفيدا مهما تباعدت الرؤى والأفكار،طالما كان الهدف هو الناس والوطن واحترام المبادىء وفي سبيل فهم أفضل لقضية الصراع الطبقي وتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة، والدفاع بشراسة ووعي عن قضايا التنوير في مجتمع يزداد انغلاقا وتمزقا جراء مكابدات اجتماعية وسياسية واقتصادية لا زالت تترى ضمن عالم بات يضيق ذرعا بأصحاب الكلمة والرأي الشجاع. ولا يفوتنا هنا ان نقدم الشكر الجزيل للتوجهات الوطنية لدى اسرة الأدباء والكتاب والتي كان الراحل أحد مؤسسيها الأوائل، حيث تتجه الأسرة لطباعة ما يربو على اكثر من اربعة عشرة مؤلفا فكريا وادبيا جديدا لفقيد الوطن والكلمة الشجاعة ستسهم حتما في اثراء الفكر والأدب في بلادنا.
عبد الله خليفه ، ايها الراحل الكبير، لا نقول وداعا، لأنك ستبقى فينا ومعنا شعلة تضيء حلمنا المخبوء حتى يرى النور يوما، فنحن ببساطة، وكما علمتنا، نؤمن بانتصار الكلمة والفكر والعدالة على قسوة السيف وازيز الرصاص و سياط الجلاد، مهما ادلهم الطريق وتشعبت الدروب، وستبقى فينا قامة وطنية سامقة تلهمنا على الدوام بفكرك التقدمي وبشجاعتك في الدفاع بصلابة عن قيم الخير والعدالة ووحدة الوطن والشعب، وسيبقى تراثك الفكري والنضالي منارة لنا على طريق وطن حر وشعب سعيد يستحقه شعبنا.
عبد النبي سلمان
الأمين العام للمنبر الديمقراطي التقدمي – البحرين