الجمعية العامة للأمم المتحدة عدّت التاسع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، يوماً عالمياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، استناداً الى قرار الأمم المتحدة رقم “181” بتاريخ 29-11-،1948 الذي نصَّ على الحق المشروع لهذا الشعب بقيام دولته المستقلة، وهو الحق الذي ما زال محروماً منه حتى اللحظة، رغم جسامة التضحيات التي قدمها ويقدمها هذا الشعب في سبيل نيله، بوجه آلة البطش الصهيونية التي ما انفكت تنكل بأبناء هذا الشعب: قتلاً وسجناً وتشريداً واستيطاناً لأراضيه .
الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذت، أيضاً، قراراً باعتبار عام 2014 عاماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، في وجه ممارسات “إسرائيل” اليومية، وانتهاكها الفاضح لحقوقه . مع ذلك فإن هذه الانتهاكات لم تكن في هذا العام أقل مما كانت عليه قبل ذاك، ففيه شنت آلة الحرب الصهيونية عدوانها على غزة، وفيه استمر العدوان المتواصل على المواطنين الفلسطينيين، بما في ذلك حرمانهم من الصلاه في المسجد الأقصى المبارك، والسماح للمستوطنين “الإسرائيليين” بتدنيس المسجد الأقصى واستخدامه لأغراض استفزازية .
والأدهى من ذلك كله استمرار مخطط تهويد القدس والضفة الغربية كاملة عبر توسع الاستيطان بنطاقات غير مسبوقة، حيث يستغل العدو حالة الفوضى العربية الراهنة، وانشغال شعب كل بلد عربي بمآسيه، لتنجز بأسرع وتيرة مخططها في سد الباب بوجه أي إمكانية فعلية لقيام الدولة الفلسطينية .
يوم عالمي واحد، أو حتى عام بكامله لا يكفي فلسطين إنما كل الأيام، ففلسطين وشعبها أسطورة أخرى، حية من لحم ودم ودموع، ففي واحدة من مآثر العصر برهن هذا الشعب على تمسكه بأرضه، فجعل من حجارتها سلاح مقاومة للغاصب، في سابقة لم يعرف لها التاريخ مثالاً، حجارة الأرض تحمي الأرض وتدافع عنها . شعب وهب الحجر السر والسحر والقوة وعبأه بالنشيد .
تراءت لبطل إحدى روايات جبرا إبراهيم جبرا المبحر فوق مياه المتوسط، وهو الفلسطيني، أضواء ثغور وطنه العتيدة مضيئة ليل المتوسط، فهتف أنه سيقف على قمة رابية من روابي فلسطين، ومن هناك سيرفع يده إلى السماء كالمجنون ويصيح بأعلى صوته: يا بلدي!
ربما لم يعد الرجل إلى فلسطين كما كان يحلم، ربما طوحته أراض بعيدة، وربما أنجب أطفالاً لم يروا شبراً من فلسطين، ولكن مئات الآلاف من أمثالهم ممن صحوا على أرض ليسوا سادتها، امتشقوا الحجر ليصنعوا انتفاضات العزة والمجد، وليبلغوا “باب الشمس” .
madanbahrain@gmail.com