في شهر أغسطس/ آب الماضي ودعت الطبقة العاملة المصرية وشعب مصر وسائر المناضلين الشرفاء في الدول العربية المناضل والقائد العمالي ابوالعز الحريري الى مثواه الأخير..
الحريري عرف السجون والمعتقلات مرات ومرات.. وامام آلة التعذيب لم ينحنِ ولم يبدل جلده او يساوم النظم المستبدة أو يهادن الاسلام السياسي من سلفية وخمينية واخوان لم يترددوا وبدعم امريكي غير مسبوق من ارتكاب أبشع الجرائم الارهابية بحق الشعب المصري وارض الكنانة التي اصرت في ثورة 30 من يونيو ان تهزم الارهاب وتقرع اجراس الأمل وتزيح ستارة الظلام، كي يتسلل النور الى الأزقة والحارات الشعبية والميادين ويتسرب الى قلوب الفقراء والمهمشين الذين يتطلعون الى الخبز والحرية والعيش الكريم.
الحريري كما تقول الأهالي المصرية هو نوع من الشخصيات الثورية غير القابلة للتطويع او الشراء لأن الأهداف العامة التي يناضل من اجلها هي نفسها اهدافه الخاصة، هو يعرف ان الطريق الى الانتصار شاق طويل ومليء بالتعرجات والمحن، والتي بدلاً من ان ترهبه صلبت عوده وعلمته ان الاستقامة الفكرية هي قرين الموقف السياسي الواضح المنحاز للكادحين دائماً وابداً وللاستقلال والكرامة والحرية الحقة.. واذا سألته ما هو المعيار قال لك دون تردد: مصلحة العمل والعمال إذا استطعنا ان نصونها فانها تنقذ الوطن.. وما احوج الوطن لمئات «آلاف» «الحريري» لكي يسترد عافيته ويتفادى الكارثة المقبلة».
خاض الحريري معارك ضارية داخل البرلمان وخارجه من اجل الحقوق الاساسية للشعب، وفي زمن «مبارك» وتحديداً عام 2003 اصبح الحريري في نظر المحللين السياسيين صاحب أشهر استجوابات برلمانية خاصة بالاحتكار وهي الممارسة التي ظل رافضاً لها حتى تقدم باستجوابات تتهم «أحمد عز» بالاستيلاء على شركة الدخيلة للحديد بالتواطؤ مع الحكومة عامي 2004 و2005.
ما اكثر ما يمكن ان يقال عن المحطات المضيئة في سيرة الحريري النضالية.. لقد كان احد رموز المعارضة المحترمين.. كانت له مواقفه المحترمة والثابتة في عهد مبارك ضد مخطط التوريث.. وتجلى دوره اكثر اثناء وبعد الثورة عندما انظم للقوى الثورية وساندها في مراحلها المختلفة.. هكذا كتبت عنه «روز اليوسف» في مقابلة اجرتها معه في عام 2012 والذي بشر فيها بثورة جديدة خلال عامين تطيح بالاخوان.
وكان ذلك معبراً بحق عن القراءة السياسية الصحيحة لمجمل الصراعات والتناقضات الداخلية والتطورات الخارجية الاقليمية والدولية.
وحول سؤال لماذا تعتبر وجود مرسى زائفاً منذ البداية؟
قال: لأن الحرس الجمهوري كان ذاهباً لحراسة شفيق حتى يصل الى قصر الرئاسة الا انهم عادوا في منتصف الطريق ليأتوا بمرسى للقصر الرئاسي بعد ان تم الاتفاق على «انجاحه» وليس نجاحه.. ولا يجب ان ننسى ايضاً ان الولايات المتحدة تدخلت بدعمه بملايين الدولارات، كما صرح بذلك عضو الكونجرس الامريكي عندما تقدم باستجواب للرئيس اوباما حول هذا الأمر مما يؤكد انه جاء للحكم على ارضية امريكية!
وعن توصيفة للجمهورية الثانية تحدث قائلاً: ليس لدينا جمهورية الآن في مصر لا اولى ولا ثانية.. لدينا دولة مغتصبة بواسطة جماعة طائفية تساندها جماعة طائفية اخرى تضم السلفيين برعاية ودعم امريكي اسرائيلي والرجعية العربية! في حين تحدث عن شكل المعارضة في ظل وجود مرسي على رأس الدولة إذ قال: المعارضة توجد في النظم الديمقراطية عندما يكون هناك حزب حاكم يشكل اغلبية وتواجهه معارضة حقيقية، وهذا غير موجود في مصر الآن مطلقاً.. فنحن نعيش الآن في ظل اغتصاب للسلطة ولا توجد ديمقراطية. فالاخوان هم الجناح غير الرسمي لنظام مبارك وكانوا يشكلون معارضة هزلية ومتفقاً عليها في عهده.. ويجب ان تعيد القوى الليبرالية والتقدمية واليسارية والثورية صياغة نفسها من جديد لتشكل جبهات مقاومة اكثر فعالية.
وفي مقابل ذلك يرى ان مصر ستتحول الى دولة مدنية عندما نتخلص من مغتصبي الحكم وهذا في رأيه او في تنبؤاته وتحليلاته العلمية سيحدث اما بثورة تطيح بهم من الأساس او عن طريق تطور دور المقاومة التي تشكلها التيارات المدنية والثورية مما يؤدي الى تغييرات في مواقف الاخوان والقوى الاقتصادية التابعة لها.. وهنا يصبح التغيير سلمياً بلا عنف بدلاً من اندلاع ثورة جديدة قد لا تكون سلمية على الاطلاق.. واتوقع ان يحدث ذلك في خلال عام او اثنين» وهذا ما حصل بالفعل.
عزاء لأسرته الكريمة وللمضحين من اجل التحرر والديمقراطية وتقدم الأوطان.