يطرح موقع »الحوار المتمدن« على شبكة الانترنت سلسلة من الاسئلة بمناسبة الاول من مايو – عيد العمال العالمي داعياً المشاركين فيه وزواره لإبداء وجهة نظرهم حولها، ومن تلك الاسئلة: ما هي التحولات التي طرأت على بنية الطبقة العاملة خلال القرن العشرين على صعيدي الدول الرأسمالية المتطورة والدول النامية؟ وما هي علاقة ذلك باتجاهات تطور الثورة العلمية والتقنية وثورة المعلومات مع بداية القرن الحادي والعشرين، وما هي تأثيرات العولمة وسياسة الدول الرأسمالية على مجرى تلك التحولات، وما هي، بالتالي، مهام الطبقة العاملة ببنيتها الراهنة في ظل عملية العولمة الجارية، وما هي التشابكات والتحالفات الاجتماعية المناسبة في ما بين الطبقات والفئات الاجتماعية غير المالكة لوسائل الانتاج في الظروف الجديدة، وما هو مصير دور الحركة العمالية في هذه الظروف، بوصفها قوة اجتماعية ثورية معنية بمسألة التغيير.
وامر حسن ان يثير منبر اعلامي تقدمي مثل »الحوار المتمدن« هذه الاسئلة داعيا لإطلاق نقاش حولها، وان يختار مناسبة مثل الاول من مايو – عيد العمال العالمي مناسبة لذلك، فهذا اليوم اختير في الاصل يوما للتعبير عن التضامن الاممي بين عمال العالم في نضالهم ضد الاستغلال قبل ان ينقسم العالم، في مرحلة الحرب الباردة، إلى معسكرين متضاربين، وبالتالي فإن هذا اليوم ما زال يحتفظ بدلالاته ومغازيه الاصلية بعد ان انتهى نظام القطبية الثنائية وجرى الترويج لانتصار الليبرالية الجديدة، وفي صورتها المتوحشة التي تريد خلق عالم جديد على هواها، تلحق فيه الاطراف قسرا بالمركز العالمي، اي ان الفكرة الاساس التي انبنت عليها مناسبة الاول من مايو بوصفه عيدا للعمال ما زالت حية، وهي لا تتوارى ولا تتلاشى، بل لعلها تكتسب مضامين وابعادا جديدة في عالم اليوم المتحول، والواقع انه منذ عقود والنقاش يدور حول التحولات العميقة التي جرت في بنية وتركيب تلك الشرائح الاجتماعية الواسعة المنضوية تحت هذا المصطلح المتداول في العلوم الاجتماعية وفي الاقتصاد السياسي خاصة، اي مصطلح او مفهوم الطبقة العاملة، فالثورة الالكترونية الهائلة التي عصفت بالعالم، وتجاوزت في نتائجها وآثارها للدرجة التي تطرح على بساط البحث السؤال عن المقصود تحديدا بها او ما هي الفئات التي يمكن ان تندرج تحت هذا السياق.
لكن هذا النقاش لا يغيب الفكرة الجوهرية المتصلة بحقيقة ان العالم رغم ما شهده من تحولات جذرية لم يصبح اكثر عدالة وسعادة، وما زالت الثروات فيه تقسم قسمة ضيزى، بل ان هذا العالم بات اكثر انقساما بين شماله وجنوبه، والعرقية والاثنية، ومظاهر الغبن والعسف والظلم، التي وان تغيرت اشكالها فإنها لا تتغير من حيث الجوهر. مما يجعل من المغزى الكفاحي لهذا اليوم حاضرا وبقوة اكثر على الصعيد الدولي العام وعلى صعيد كل بلد على حدة.