تُعرّف الجنسية بأنها علاقة قانونية تربط الفرد بدولة معينة أو تعيد
انتسابه مع دولة معينة، وتقوم العلاقة على أساس الحماية من جانب الدولة
والخضوع من جانب الفرد.
ومن هذا التعريف يتضح أن مفهوم الجنسية يتكون من العناصر الآتية:
– وجود شخص بما له من حقوق والتزامات.
– وجود دولة محددة الملامح والكيان الدولي.
– وجود علاقة سياسية وقانونية بين الفرد والدولة.
وقد
أقر القانون الدولي أن تنظيم الجنسية من الأمور المتروكة لمطلق تصرف
المشرع الداخلي في كل دولة، وله أن يضع لها من النصوص ما يشاء، وقد أقرّ
القانون الدولي أن قانون الجنسية من الأمور المتروكة لمطلق تصرف المشرع
الداخلي في كل دولة، وله أن يضع لها من النصوص ما يشاء. وقد أقرّت بعض
القيود التي يجب على الدولة الالتزام بها عند وضع قانون الجنسية، وذلك حسب
تعريف مؤتمر لاهاي 13 أبريل 1930 حيث وضعت هذه القيود فى (م 1) ونصت على
«تختص كل دولة بأن تحدد في قوانينها الأشخاص الذين يتمتعون بجنسيتها،
وتعترف الدول الأخرى بتلك القوانين في حدود عدم تعارضها مع الاتفاقيات
الدولية والعرف الدولي ومبادئ القانون العام المعترف به من الدول على وجه
العموم في مسائل الجنسية».
وإعمالاً للمادة الأولى من اتفاقية لاهاي
فقد عرفت محكمة العدل الدولية بمناسبة حكمها في قضية نوتوبوم 1955 الجنسية،
بأنها رابطة ترتكز على حقيقة اجتماعية من التلاحم، ورابطة فعلية من الوجود
والمصالح والأحاسيس مرتبطة بحقوق وواجبات متبادلة، ويمكن القول بأنها
عبارةٌ عن التعبير القانوني لحقيقة أن من يتمتع بها، سواء بطريقة مباشرة
بالقانون أو بقرار من السلطات، مرتبط مع سكان الدولة المانحة للجنسية أكثر
منه مع أي دولة أخرى». عرفت محكمة العدل الدولية بمناسبة حكمها في قضية
نوتوبوم 1955 الجنسية بأنها رابطة ترتكز على حقيقة اجتماعية من التلاحم،
ورابطة فعلية من الوجود والمصالح والأحاسيس مرتبطة بحقوق وواجبات متبادلة،
ويمكن القول بأنها عبارة عن التعبير القانوني لحقيقة أن من يتمتع بها،
سواءً بطريقة مباشرة بالقانون أو بقرار من السلطات، مرتبط مع سكان الدولة
المانحة للجنسية أكثر منه مع أي دولة أخرى.
فالجنسية رابطة قانونية
أساسها واقع اجتماعي من الارتباط والتضامن والإقامة الفعلية والمصالح
والمشاعر، متصلة بالمعاملة بالمثل في الحقوق والواجبات، ويترتب على ما تقرر
في المواثيق الدولية، والقضاء الدولي المقارن وهو بصدد تطبيق إحكام تلك
العهود والمواثيق الدولية، هذا بأن قرار الدولة بمنح الجنسية أو سحبها، لا
ينبغي أن يكون قراراً تحكيمياً فهو لا يسري في مواجهة الدول الأخرى إلا إذا
جاء كترجمةٍ حقيقيةٍ بين الفرد وبين الدولة التي تعطيه الجنسية أو تسحبها
منه.
وسنعرض في هذه السطور رؤية قانونية بشأن إسقاط الجنسية
والترحيل القسري لعديمي الجنسية من البلد الذي أسقطت جنسيتهم عنهم وفقاً
للقانون الدولي باعتبار أن ذلك انتهاكاً لحقوق الإنسان!
أولاً: إسقاط
الجنسية عمن لا يملك جنسية أخرى بما يجعله عديم جنسية: إن إسقاط الجنسية
وتحويل الدولة أحد مواطنيها إلى شخصٍ عديم الجنسية، يتعارض مع ما نصت عليه
المادة (15) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه:
1 – لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
2
– لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها؛ إذ أنه
وبغض النظر عن أي جدلٍ قد يثيره البعض بشأن اتصاف هذا الإجراء بالتعسف من
عدمه، فإنه بحد ذاته يعتبر إجراءً تمهيدياً للإخلال بحق هذا الإنسان في
التمتع بجنسية ما، ويجب على السلطات الامتناع عن الأخذ بهذا المسلك ؛ إذ أن
الحق في التمتع بجنسية ما، يستبطن حقاً مطلقاً لمن لا يملك جنسية أخرى غير
الجنسية التي يحملها، في عدم تجريده من جنسيته تلك، بغض النظر عن وجود
مبررات ظاهرة المشروعية من عدمه، لإسقاط جنسيته عنه، وهو بذلك يغدو قيداً
يضيّق من أي حق مقررٍ للدولة في قوانينها المحلية في إسقاط الجنسية وسحبها
من مواطنيها، أو إسقاطها عنهم، بحسب الأحوال المفصلة في القانون المقارن.
وينبغي
الإشارة هنا إلى أن التزام الدول بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وواجبها
في احترامه، وممارسة سلطاتها اتجاه الأفراد بما ينسجم معه، نابعٌ في الأصل
مما تنص عليه ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من أن الدول في الأمم
المتحدة، قد أكّدت في الميثاق من جديد، إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية
وبكرامة الفرد وقدره، وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية، وحزمت أمرها
على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قُدُماً، وأن ترفع مستوى الحياة في جو من
الحرية أفسح.
وكذلك ما تنص عليه الديباجة من أن غاية ما يتضمنه
الإعلان هو المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم، حتى
يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نُصبَ
أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية
واتخاذ إجراءات مطردة، قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة
عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها.
كما
يجد سنده فيما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة المادة من أن مقاصد الأمم
المتحدة هي (: 1. .. 2. .. 3) «تحقيق التعاون الدولي على حلّ المسائل
الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، وعلى
تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً، والتشجيع على
ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال
والنساء».
وبموجب ذلك لا تملكُ دولةٌ عضو في هيئة الأمم المتحدة، كما
هو حال بمملكة البحرين، التهرب من احترام ما نصّ عليه الإعلان العالمي
للحقوق الإنسان، بحجة أنه لا يشكل صكاً دولياً تعاقدياً ارتبطت به، مادامت
هي ارتضت الدخول في عضوية منظمة الأمم المتحدة، والتزمت بميثاق المنظمة
الذي حدد أهداف المنظمة وما قد اجتمعت الدول الأعضاء بها، على احترامه،
بوصف أن القبول بمواثيق الأمم المتحدة وعهودها شرط لنيل عضوية الأمم
المتحدة.
ثانياً: إبعاد عديم الجنسية عن البلد الذي أسقطت جنسيته
عنه: إن إبعاد عديم الجنسية من قبل سلطات البلد الذي أسقطت جنسيتها عنه،
بنحو قسري إلى خارج ذلك البلد، يعد انتهاكاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية من عدة جوانب، وبشكل أساسي ينتهك المادة (12) من العهد
الخاصة بحرية التنقل، والتي تنصّ في البند (4) منها على أنه «لا يجوز حرمان
أحد، تعسفاً، من حق الدخول إلى بلده».
وقد أكّدت اللجنة المعنية
بحقوق الإنسان المنشأة بموجب المادة (28) من العهد، في التعليق العام رقم
(27) الصادر عنها بموجب المادة (40) من العهد، بشأن المادة (12) من العهد،
أن حق الشخص في الدخول لبلده ينطوي على اعترافٍ بعلاقة الشخص الخاصة بذلك
البلد. وهذا الحق له عدة أوجه، فهو يعني ضمناً حق الشخص في البقاء في بلده،
ولا يقتصر على حقه في العودة بعد مغادرة بلده…».
كما أكدت اللجنة
المومأ إليها كذلك، وهي بصدد إثبات التزام الدولة المنضمة له، باحترام حق
عديم الجنسية المقيم فيها، في البقاء فيها وعدم ترحيله قسرياً عنها، على
أنه «ولا تميّز صيغة الفقرة 4 من المادة 12 بين المواطنين والأجانب «لا
يجوز حرمان أحد…»، وبالتالي فإن الشخص الذي يحقّ له ممارسة هذا الحق يمكن
تحديد هويته بتفسير عبارة «بلده»، ونطاق عبارة «بلده» أوسع من مفهوم «بلد
جنسيته». وهو ليس مقصوراً على الجنسية بالمعني الشكلي، أي الجنسية المكتسبة
بالميلاد أو بالتجنس، بل إنه يشمل، على الأقل، الشخص الذي لا يمكن اعتباره
مجرد أجنبي، وذلك بحكم روابطه الخاصة ببلد معين أو استحقاقاته فيه. وينطبق
هذا مثلاً على حالة مواطني بلد ما جُرّودا من جنسيتهم بإجراء يمثل
انتهاكاً للقانون الدولي…».
وأكدت اللجنة كذلك على أنه بموجب
المادة (12) من العهد (21) «لا يجوز بأي حال حرمان شخص ما، تعسفاً، من الحق
في الدخول إلى بلده. والغرض من الإشارة لمفهوم التعسف في هذا السياق هو
التشديد على أنه ينطبق على أي إجراء من جانب الدولة، سواءً كان تشريعياً أو
إدارياً أو قضائياً، فالإشارة إليه تضمن بالضرورة أن يكون أي تدخل، حتى لو
بحكم القانون، متفقاً مع أحكام العهد الدولي وغاياته وأهدافه، وأن يكون في
جميع الأحوال معقولاً في الظروف المعينة. وترى اللجنة أنه «قلما تكون هناك
ظروف – إذا وجدت أصلاً – يمكن أن تعتبر معقولةً لحرمان شخص ما من الدخول
إلى بلده. ويجب على الدولة ألا تقوم بتجريد شخص ما من جنسيته أو بطرده إلى
بلد آخر أو تصر على منعه تعسفاً من العودة إلى بلده».
وينبغي الإشارة
هنا إلى أنه ونظراً إلى أن مملكة البحرين قد صادقت على العهد الدولي الخاص
بالحقوق المدنية والسياسية في العام 2006، وصار ضمن نسيج التشريع الوطني
فيها، وباتت بموجب ذلك ملزمةً بحسب المادة (2) من ذلك العهد، باحترام
الحقوق المعترف بها فيه، سواءً بحسب ما تعبّر عنه نصوص العهد الدولي بشكل
مباشر في شأن هذه الحقوق، أو بحسب التطبيق الفعلي لنصوصه من قبل اللجنة
المعنية بحقوق الإنسان المنشأة بموجب المادة (28) منه أثناء مباشرة مهمتها
المحددة في المادة (40) منه، لكون الحقوق التي عالجها قد استقرت الإنسانية
على اعتبار التمتع بها من مستلزمات الكرامة الإنسانية؛ ولكونه بات بمصادقة
البحرين عليه بموجب القانون رقم 56/2006 جزءًا من المنظومة التشريعية
البحرينية التي تلتزم كل السلطات بتنفيذها بشكل مباشر أو بمراعاتها عند
تفسير نصوص التشريعات الأخرى لتجنب وقوع التناقض فيما بينها وبينه؛ مما
يستوجب مراعاة ما توافق عليه المجتمع الدولي بهذا الصدد بوصفنا جزءًا منه.
وعدم مناقضة ما التزمت به الدولة أمام المجتمع الدولي.
عبدالله الشملاوي