تمسكت الحكومة ومؤسساتها متمثلة في ديوان الخدمة المدنية، ووزارة العدل
عبر اللجنة المعنية بمتابعة تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي
الحقائق بعدم وجود أي مفصول بحريني من القطاع العام، وأنه تم إرجاعهم
جميعاً إلى وظائفهم، وتم «تصفير» الملف منذ فترة طويلة جداً.
اللجنة
التنفيذية بمتابعة تنفيذ توصيات بسيوني أكدت في ديسمبر/ كانون الأول 2013
بعبارتها الشهيرة تحت توصية «إعادة جميع الموظفين المفصولين» أنه «تم تنفيذ
التوصية بالكامل»، لتغلق ملف المفصولين بشكل نهائي وتعتبره كأنه شيء لم
يكن أبداً!
رئيس ديوان الخدمة المدنية هو الآخر رفض الحديث عن وجود
مفصولين في القطاع العام منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2013، بل أكد وجزم أيضاً
خلال لقائه وفد منظمة العمل الدولية غلق ملف المفصولين بشكل نهائي في
القطاع الحكومي، كما أطلع وفد المنظمة برئاسة كيلوبترا هنري على الإجراءات
التي اتخذتها الحكومة لإنهاء الملف بشكل كامل!
الحكومة مؤخراً،
وبتوقيعها الاتفاقية الثلاثية مع أطراف الإنتاج وبرعاية منظمة العمل
الدولية، اعترفت وأقرت، بـ «كذب» مسئوليها، وسعيهم لتزييف الحقائق، وخداع
المنظمات الدولية، وغشهم للرأي العام البحريني، وعدم صدقهم، وعدم تحليهم
بالشفافية، بل لجوئهم إلى تزييف الحقائق والخداع، والمراوغة، اعتقاداً منهم
بأن الملف سينتهي عند حد «كذبهم».
الحكومة ممثلة بوزارة العمل صادقت
على «الاتفاقية الثلاثية» والتي ضمت في طياتها قائمة بأسماء المفصولين عن
العمل حتى الآن بسبب الأحداث السياسية التي شهدتها البحرين في العام 2011.
اعترفت
الحكومة التي وقعت الاتفاقية الثلاثية التكميلية مع طرفي الإنتاج «غرفة
تجارة وصناعة البحرين، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين»، بوجود 165
مفصولاً، من بينهم 25 مفصولاً من القطاع العام، و50 مفصولاً من الشركات
الكبرى، و68 مفصولاً من القطاع الخاص، ناهيك عن 22 مفصولاً بسبب الأحكام
القضائية الصادرة بحقهم.
الحكومة تعترف الآن بعد نفيها لمدة عامين وجود مفصولين بسبب الأحداث السياسية في القطاع العام لم يعودوا بعدُ لأعمالهم.
الحكومة
اعترفت، بوجود ثلاثة مفصولين في وزارة البلديات والتخطيط العمراني، 12
مفصولاً في وزارة التربية والتعليم، مفصولين في وزارة الصحة، ثلاثة مفصولين
في الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، مفصول من إدارة البريد، وآخر من
اللجنة الأولمبية البحرينية، ومن المجلس الأعلى للمرأة، ومفصولين في جامعة
البحرين، ومفصولين في مجلس النواب.
أضف إلى ذلك فإن الحكومة صادقت
أيضاً على وجود مفصولين في القطاع العام بينهم أطباء ومدرسون بسبب أحكام
صادرة بحقهم، ومن بين أولئك المذكورين جملة من الشخصيات المعروفة أشهرهم
الكادر الطبي الذي تعرض لمحاكمات أثارت ضجة وسخطاً عالمياً.
وكيل
وزارة العمل صباح الدوسري في مقابلة مع صحيفة محلية أكد أن رقم الـ165
مفصولاً الذين شملتهم الاتفاقية، هو «رقم متفق عليه»، أي أن الحكومة أصبحت
حالياً ملزمة بإرجاع جميع الواردة أسماؤهم، بمن فيهم المحكومون وباعتراف
وزارة العمل.
من أهم ما ورد في تصريحات وكيل وزارة العمل رداً على
سؤال بشأن ما إذا عمدت قطر لفصل بحرينيين عن العمل على خلفية الأزمة
الخليجية الحالية، قوله انه «ليس هنالك حكومة حكيمة تقوم بقطع أرزاق ناس
ليس لهم ذنب».
وهو جواب، أجده شديدا، وغريبا، في ظل أن حكومة البحرين
فصلت وأوصت بفصل آلاف المواطنين من وظائفهم وشهّرت بهم، وأجرت لعدد كبير
منهم محاكمات صورية عبر شاشة تلفزيون العائلة العربية، لأسباب سياسية.
تقرير
لجنة تقصي الحقائق خلص في الفقرة رقم (1446) إلى أن «مختلف المسئولين
الحكوميين الذين أدانوا المظاهرات علناً هيأوا أجواء الانتقام من الأفراد
الذين شاركوا في المظاهرات والإضرابات. وأنها تلقت أدلة تفيد بأن مسئولين
حكوميين صدر منهم تشجيع مباشر للشركات على فصل الموظفين الذين اشتبه في
أنهم ضالعون في أحداث فبراير (شباط) ومارس (آذار) 2011».
لجنة تقصي
الحقائق في الفقرة (1450) وصفت عملية فصل الموظفين في القطاعين العام
والخاص بأنه «انتقام»، مؤكدة أن ذلك كان «واضحاً للغاية في حالات الفصل من
وزارة التربية والتعليم والشركات الكبرى».
ما جاء في تقرير لجنة تقصي
الحقائق، من إثباتات وأدلة في قضية المفصولين، سيجعل من مقولة وكيل وزارة
العمل واقعة وبشدة ومنعكسة على شأننا المحلي، أكثر من إسقاطها على قطر.
قضية
المفصولين مستمرة، وهذا لا يعني أن الحراك توقف، فهو أيضاً مستمر،
واستمرار القضية، ليس فقط مع إرجاع المفصولين بل مع نيل جميع حقوقهم
والعودة إلى جميع مواقعهم، لن ننسى أبداً موظفي معهد البحرين للتدريب الذين
نقلوا ظلماً ليكونوا ولأسباب طائفية، فقط من أجل إبعادهم عن المعهد، ضمن
مخطط «تطهير» المعهد من أي وجوه لا ترغب بها وزارة التربية والتعليم، والتي
وثق تقرير بسيوني اسمها بصراحة أنها كانت تمارس الانتقام من الموظفين.
الحراك
العمالي المقبل لن يكون للعودة فقط، بل سيكون لاسترجاع الحقوق ومحاكمة
المسئولين الطائفيين الذين تلاعبوا في مصائر وأرزاق البشر، وكذبوا وزيفوا
الحقائق، بل مارسوا الانتقام من فئة كبيرة في هذا البلد.
هاني الفردان