الأسبوع قبل الماضي وخلال مراسم عزاء عضو مجلس إدارة جمعية البحرين
لرعاية مرضى السكلر سيدمحمد الكامل «الذي أدخل المستشفى، في الأول من مارس/
آذار، ليقضي نحبه بعد أربعة أيام في قسم الطوارئ أمضاها بانتظار سريرٍ في
قسم العناية المركزة»، جلس رئيس الجمعية زكريا الكاظم في زاوية مأتم قرية
القدم يتلقى العزاء في صديقه بحزن كبير، وبصراحة شعرت بإشفاق شديد على هذا
الرجل الذي يحمل على كاهله ثقل 18 ألف مصاب بهذا المرض، ويرى أصدقاءه
يتساقطون واحداً بعد الآخر.
وعلى رغم قلة إمكانات الجمعية فإنه
استطاع من خلال إيمانه بقضية مرضى السكلر وما يعانونه من آلام لا يمكن
تحملها وإهمال لا يمكن تبريره، أن يجعل من قضيته قضية رأي عام، كما استطاع
أن يكسب تعاطف المجتمع بأسره.
وبحسب الإحصاءات الرسمية فإن هناك 56
ألف حامل لمرض فقر الدم المنجلي (السكلر) أو مرض الخلايا المنجلية منهم 18
ألف مصاب به. وتشير الإحصاءات إلى أن متوسط أعمار المصابين بهذا المرض
قصيرة، فهي في الذكور بين 42 إلى 45 سنة وفي الإناث قد تصل إلى 48 سنة.
في
أغسطس/ آب من العام 2010 سقطت أربع ضحايا لهذا المرض في يوم واحد، ما حدا
بعدد من المرضى وأهاليهم الى إشعال الشموع ونثر الورود أمام مدخل طوارئ
مجمع السلمانية الطبي حداداً على ضحايا السكلر الأربعة الذين قضوا في يوم
واحد، واحتجاجاً على طريقة التعامل مع المرضى من قبل إدارة المستشفى.
لا
أحد يحمِّل وزارة الصحة مسئولية جميع الوفيات التي تحدث نتيجة هذا المرض
الخطير، ولكن لا يبدو أن هناك إستراتيجية واضحة لدى الدولة لمحاصرة هذا
المرض الوراثي وعدم انتشاره بصورة أكبر في المجتمع البحريني الصغير.
قبل
ثماني سنوات تقريباً زار البحرين أحد أهم الباحثين في مرض السكلر وهو
البروفيسور جراهام سيرجنت وهو بريطاني مقيم في جامايكا، وأنشأ مركزاً
للأبحاث متخصصاً في هذا المرض بالهند، عندها تحدث هذا البروفيسور عن أهمية
إقامة مركز متقدم للأبحاث في مرض السكلر في البحرين بسبب كثرة المصابين به.
كما
أن المختصين من الأطباء والاستشاريين في البحرين كانوا يؤكدون ذلك منذ وقت
طويل، ولكن للأسف فإن وزارة الصحة لم تأخذ بهذه النصيحة إلا مؤخراً حيث
افتتح في شهر فبراير/ شباط الماضي مركز أمراض الدم الوراثية بعد أن سقط
المئات من أبناء هذا الوطن ضحية لهذا المرض.
ما نحتاج إليه فعلاً هو إستراتيجية وطنية لمحاصرة هذا المرض الفتاك، والحيلولة دون انتشاره بصورة أكبر.
جميل المحاري