كانت المطالبة بالنهوض بالأوضاع التعليمية في البلدان العربية وما زالت مطلباً حيوياً في كل البرامج التنموية الداعية إلى النهضة الحضارية؛ فالنهوض بالتعليم وتوفير الرعاية الصحية المتطورة وتأمين فرص العمل تعد مرتكزات محورية لأي برنامج اجتماعي جدي، تلزم لتطبيقه مقادير كافية من الحوكمة والشفافية .
إلا أن التعليم بالذات كونه يتوجه نحو الاستثمار في الأجيال الجديدة يحتل أهمية خاصة بين هذه المرتكزات . ويلاحظ تقرير حديث ومطول للبنك الدولي نشره على موقعه في “تويتر” ازدياد القدرة على الالتحاق بالنظام التعليمي في المنطقة العربية خلال العقدين الماضيين إلى درجة تعميم الالتحاق بالتعليم الابتدائي للبنين والبنات في معظم بلدان المنطقة .
وارتفع صافي معدل الالتحاق من 86 إلى 94 في المئة بين عامي 2000 و2010 . وكذلك ارتفع صافي معدل الالتحاق بالتعليم الثانوي، وإن لم يكن بالدرجة نفسها من 62 إلى 70 في المئة خلال الفترة نفسها .
كما أن المؤشرات المتصلة بجودة التعليم ما زالت تظهر أن الأنظمة المدرسية في المنطقة العربية تتسم بشكل عام بتدني الجودة، فلا أحد يتعلم المهارات الأساسية، وهي حقيقة تظهرها بأوضح برهان الاختبارات القياسية الدولية التي تكشف نتائجها أن المنطقة مازالت دون المستوى المتوقع بالنظر إلى متوسط دخل الفرد فيها .
ويعني هذا أنه بالنسبة للكثير جداً من التلاميذ في أنحاء المنطقة لا يُعد الالتحاق بالمدارس مرادفاً للتعلم، كما أن الدلائل تشير إلى وجود تنافر سائد بين ما تحتاجه سوق العمل من مهارات وما يتم تعليمه في المدارس . وفيما يتم إجراؤه من دراسات عالمية، يقر الكثير من شركات المنطقة بأن عدم كفاية مهارات القوى العاملة، سواء الفنية منها أو الشخصية، تعيق نموها وقدرتها على توظيف العاملين .
وحسب معطيات إحصائية فإن نحو ثلث الخريجين الجدد فقط هم الجاهزون لمكان العمل . ولا تستثمر المنطقة سوى القليل في التدريب بشكل عام قبل العمل وأثناءه، وذلك بالمقارنة بغيرها .
ولكي ندرك فداحة الفجوة بين الجنسين في فرص تلقي التعليم، علينا التوقف أمام ما يشير إليه التقرير من تفوّق البنات على البنين في نتائج امتحانات الحساب بالصف الرابع الابتدائي، وهو اتجاه يستمر بشكل عام حتى الصف الثامن، لكن هذا التفوق لا تقابله خطط استيعاب تعليمية للفتيات في منطقة تشتهر بافتقارها إلى المساواة بين الجنسين .