بقلم: د. فواز فرحان*
تتشابك
وتتقاطع الأحداث المحلية والإقليمية والدولية فيما بينها وتؤثر وتتأثر في
بعضها بسبب ارتباطها بالمصالح الاقتصادية والصراع الدولي من أجل هذه
المصالح، ويلعب النظام الرأسمالي العالمي دوراً مركزياً في هذا الصراع على
هيئة ما هو متعارف عليه بالعولمة أو ما أسماه المفكر ماركس
بالكوسموبوليتان، وفي ظل هذا الصراع الدولي يجب ألا يكون اتجاه بوصلتنا
السياسية والإنسانية مبتعداً عن العدالة الاجتماعية وتقدّم وتطوّر الشعوب؛
فحيثما كانت الأحداث في صالح الشعوب فثَمّ أهدافنا وبرامجنا ومشاريعنا. ومن
الأحداث المهمة في عصرنا الحديث هو اتجاه الدول إلى التكتل فيما بينها على
هيئة اتحادات أو مجالس للتعاون لمواجهة التحديات المختلفة وكذلك اتجاه بعض
الدول للاندماج فيما بينها لتكوين دول أكبر وأكثر تماسكاً وقوة.
وتتقاطع الأحداث المحلية والإقليمية والدولية فيما بينها وتؤثر وتتأثر في
بعضها بسبب ارتباطها بالمصالح الاقتصادية والصراع الدولي من أجل هذه
المصالح، ويلعب النظام الرأسمالي العالمي دوراً مركزياً في هذا الصراع على
هيئة ما هو متعارف عليه بالعولمة أو ما أسماه المفكر ماركس
بالكوسموبوليتان، وفي ظل هذا الصراع الدولي يجب ألا يكون اتجاه بوصلتنا
السياسية والإنسانية مبتعداً عن العدالة الاجتماعية وتقدّم وتطوّر الشعوب؛
فحيثما كانت الأحداث في صالح الشعوب فثَمّ أهدافنا وبرامجنا ومشاريعنا. ومن
الأحداث المهمة في عصرنا الحديث هو اتجاه الدول إلى التكتل فيما بينها على
هيئة اتحادات أو مجالس للتعاون لمواجهة التحديات المختلفة وكذلك اتجاه بعض
الدول للاندماج فيما بينها لتكوين دول أكبر وأكثر تماسكاً وقوة.
الاتحادات الدولية أو مجالس التعاون
تكون مستجيبة بدرجة أو بأخرى لطموحات شعوبها عندما تكون الحكومات ممثلة
للإرادة الشعبية في ظل الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة كما هو الحال،
إلى حدٍّ ما، في الاتحاد الأوروبي واتحاد دول أميركا الجنوبية واتحاد دول
جنوب شرق آسيا… بينما تكون هذه الاتحادات أو مجالس التعاون ممثلة فقط
لمصالح الطبقات أو الفئات المسيطرة على المجتمعات عندما لا تكون حكوماتها
ديمقراطية كما هو الحال في مجلس التعاون لدول الخليج العربية. كما أن وحدة
أو اتحاد أو تعاون الدول فيما بينها لن تكون نتائجه إيجابية إذا لم يراعِ
مستويات التطور المختلفة لهذه الدول على كل المستويات الاقتصادية
والاجتماعية وحتى على مستوى التطور الديمقراطي؛ فلا فائدة من اتحاد دولتين
إحداهما ديمقراطية والأخرى دكتاتورية أو شبه ديمقراطية. ولا يمكن الحديث عن
وحدة أو اتحاد أو تعاون بين دولتين أو أكثر تحت ظل السلاح أو القوة
العسكرية لأن ذلك مآله إلى الفشل والشواهد التاريخية كثيرة.
تكون مستجيبة بدرجة أو بأخرى لطموحات شعوبها عندما تكون الحكومات ممثلة
للإرادة الشعبية في ظل الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة كما هو الحال،
إلى حدٍّ ما، في الاتحاد الأوروبي واتحاد دول أميركا الجنوبية واتحاد دول
جنوب شرق آسيا… بينما تكون هذه الاتحادات أو مجالس التعاون ممثلة فقط
لمصالح الطبقات أو الفئات المسيطرة على المجتمعات عندما لا تكون حكوماتها
ديمقراطية كما هو الحال في مجلس التعاون لدول الخليج العربية. كما أن وحدة
أو اتحاد أو تعاون الدول فيما بينها لن تكون نتائجه إيجابية إذا لم يراعِ
مستويات التطور المختلفة لهذه الدول على كل المستويات الاقتصادية
والاجتماعية وحتى على مستوى التطور الديمقراطي؛ فلا فائدة من اتحاد دولتين
إحداهما ديمقراطية والأخرى دكتاتورية أو شبه ديمقراطية. ولا يمكن الحديث عن
وحدة أو اتحاد أو تعاون بين دولتين أو أكثر تحت ظل السلاح أو القوة
العسكرية لأن ذلك مآله إلى الفشل والشواهد التاريخية كثيرة.
عندما حدثت الوحدة بين مصر وسوريا في
عام ١٩٥٨ كان للحزب الشيوعي السوري موقف متأنٍّ تجاه التوجه للوحدة الفورية
لأنها لا تراعي مستويات التطور المختلفة للبلدين ولم تكن تدريجية أو جزئية
وصولاً إلى الوحدة الكاملة المبنية على أساس صحيح، وكذلك لم تكن تضع
التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة بعين الاعتبار فكان من الطبيعي
توجيه فائدتها لصالح مجموعة معينة وبالتالي فشل التجربة الوليدة غير
الناضجة. وعندما حاول عبدالكريم قاسم ضم الكويت بالقوة العسكرية رفض الحزب
الشيوعي العراقي ذلك في بيان شهير معللاً رفضه بعدم وجود الإرادة الشعبية
للوحدة بين البلدين وعدم وجود رؤية واضحة أصلاً لجدوى هذه الوحدة على مستوى
مصلحة الشعوب وأن ما يبنى بالقوة العسكرية مصيرة إلى الفشل والسقوط. وفي
عام ١٩٩٠ عندما غزى العراق الكويت كان للحزب الشيوعي العراقي موقف مشابه
لموقفه إبان حكم قاسم وكذلك ندد الحزب الشيوعي الأردني بهذا الغزو منطلقاً
من نفس المباديء التي تضع مصلحة الشعوب فوق أي مصلحة أخرى. ما أردت إيصاله
من خلال هذه الأمثلة أن بوصلتنا يجب أن تكون باتجاه العدالة الاجتماعية
وتقدم الشعوب عندما نريد أن نخطو باتجاه التعاون أو الاتحاد أو الوحدة.
عام ١٩٥٨ كان للحزب الشيوعي السوري موقف متأنٍّ تجاه التوجه للوحدة الفورية
لأنها لا تراعي مستويات التطور المختلفة للبلدين ولم تكن تدريجية أو جزئية
وصولاً إلى الوحدة الكاملة المبنية على أساس صحيح، وكذلك لم تكن تضع
التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة بعين الاعتبار فكان من الطبيعي
توجيه فائدتها لصالح مجموعة معينة وبالتالي فشل التجربة الوليدة غير
الناضجة. وعندما حاول عبدالكريم قاسم ضم الكويت بالقوة العسكرية رفض الحزب
الشيوعي العراقي ذلك في بيان شهير معللاً رفضه بعدم وجود الإرادة الشعبية
للوحدة بين البلدين وعدم وجود رؤية واضحة أصلاً لجدوى هذه الوحدة على مستوى
مصلحة الشعوب وأن ما يبنى بالقوة العسكرية مصيرة إلى الفشل والسقوط. وفي
عام ١٩٩٠ عندما غزى العراق الكويت كان للحزب الشيوعي العراقي موقف مشابه
لموقفه إبان حكم قاسم وكذلك ندد الحزب الشيوعي الأردني بهذا الغزو منطلقاً
من نفس المباديء التي تضع مصلحة الشعوب فوق أي مصلحة أخرى. ما أردت إيصاله
من خلال هذه الأمثلة أن بوصلتنا يجب أن تكون باتجاه العدالة الاجتماعية
وتقدم الشعوب عندما نريد أن نخطو باتجاه التعاون أو الاتحاد أو الوحدة.
لم يكن مجلس التعاون لدول الخليج
العربية منذ تأسيسه حتى هذا اليوم ممثلاً لإرادات الشعوب الخليجية ولا
قراراته كانت في صالح تطورها ونهوضها بل في صالح الطبقات المسيطرة فيه، هو
أقرب للمجلس العشائري لحلف قبلي لم يخرج حتى الآن من فترة القرون الوسطى.
هذا المجلس لا يمكن إصلاحه ولا التعويل عليه من غير تطوّر ديمقراطي حقيقي
في دوله، فالإصلاح الإقليمي أو القومي لا يمكن الوصول إليه من غير إصلاح
على المستوى الوطني أو القُطري، وكذلك لا نهوض أممي من غير نهوض إقليمي أو
قومي ولا نهوض إقليمي من غير نهوض على مستوى الوطن الواحد. وما رأيناه من
أحداث أخيرة بين بعض دوله والتي لم تكن إلا قمة جبل جليد اختلاف المصالح
بينها ممثلة بسحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر ليست إلا
دليلاً آخر على أن ما تفعله هذه الدول كلها مجتمعة أو منفردة لا يصب إلا في
مصلحة الأنظمة لا في مصلحة الشعوب؛ وأن مجلس التعاون لدول الخليج العربية
هو لتعاون الأنظمة لا لتعاون الشعوب.
العربية منذ تأسيسه حتى هذا اليوم ممثلاً لإرادات الشعوب الخليجية ولا
قراراته كانت في صالح تطورها ونهوضها بل في صالح الطبقات المسيطرة فيه، هو
أقرب للمجلس العشائري لحلف قبلي لم يخرج حتى الآن من فترة القرون الوسطى.
هذا المجلس لا يمكن إصلاحه ولا التعويل عليه من غير تطوّر ديمقراطي حقيقي
في دوله، فالإصلاح الإقليمي أو القومي لا يمكن الوصول إليه من غير إصلاح
على المستوى الوطني أو القُطري، وكذلك لا نهوض أممي من غير نهوض إقليمي أو
قومي ولا نهوض إقليمي من غير نهوض على مستوى الوطن الواحد. وما رأيناه من
أحداث أخيرة بين بعض دوله والتي لم تكن إلا قمة جبل جليد اختلاف المصالح
بينها ممثلة بسحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر ليست إلا
دليلاً آخر على أن ما تفعله هذه الدول كلها مجتمعة أو منفردة لا يصب إلا في
مصلحة الأنظمة لا في مصلحة الشعوب؛ وأن مجلس التعاون لدول الخليج العربية
هو لتعاون الأنظمة لا لتعاون الشعوب.
——————————————
*عضو التيار التقدمي الكويتي.