لا يمكن لأي مراقب أو حتى زائر أن لا يلاحظ حالة العسكرة التي تعيشها
البلاد، فلا يمكن تجاهل نقاط التفتيش التي تتوزع بشكل عشوائي ومكثف في
شوارع البحرين، كما لا يمكن عدم رؤية الأسلاك الشائكة التي تحيط بعدد من
القرى، وسيارات الأمن التي تسد مداخل ومخارج القرى وإمطار هذه القرى
بالعشرات من قنابل مسيلات الدموع بشكل يومي.
ولذلك لا يمكن القول بأن
أي وفد حقوقي (إن سُمح له بزيارة البحرين) أن يتغافل عن هذه المعطيات التي
يمكن أن تشكل جزءاً مهمّاً من التقارير التي سيكتبها عن الوضع السياسي في
البحرين.
على من يتباكى حول تشويه صورة البحرين في الخارج وعدم
حيادية المنظمات الدولية أن يفسر للعالم لماذا تحكم جميع القرى بهذا
الأسلوب الأمني، ولماذا تحتاج البحرين لهذا الكم الهائل من رجال مكافحة
الشغب؟ ولماذا يقوم شباب هذه القرى بحرق الإطارات ووضع المخلفات والحواجز
في شوارع قراهم؟ ولماذا تستمر المسيرات والمظاهرات رغم كل ذلك؟
إن
أكذوبة «تطبيق ولاية الفقيه في البحرين» لم تعد مقنعة لأحد، كما أن
المراهنة على «الوقت» لتمييع المطالب الشعبية، قد تأكد بأنه رهان خاسر.
أعجبني
كثيراً عنوان أحد المقالات السابقة لرئيس التحرير الذي أشار إلى مقولة في
غاية البساطة والعمق حين كتب أن «حقوق البشر لا تحتاج إلى توافقات»، وذلك
ما يجهله البعض ويزاود عليه ويفلسفه، فهل يمكن القول إن العدل بين الناس
يحتاج إلى توافق الأطراف السياسية في البلاد، أو إن عدم التمييز في الوظائف
والخدمات يحتاج إلى أن يقبل بعض به المتمصلحين؛ إنها حقوق أعطاها الله
للبشر وهي من أساسيات جميع الأديان السماوية منها وغير السماوية، وحتى وإن
صودرت هذه الحقوق في أزمان سابقة كان يسودها الجهل والتخلف والتسلط
والفساد، فليس من المقبول في العصر الراهن أن يطغى الظلم والتمييز
والاستئثار بالثروات الوطنية حيث يعيش القلة في نعيم مطلق في حين يعاني
السواد الأعظم من الشعب في ذُلِّ الحاجة والفقر والحرمان.
أليس من
المؤسف في هذا الزمن أن يرفض البعض مناقشة مطالب، كـ «التوزيع العادل
للدوائر الانتخابية»؟ وكأن من طبيعة الأمور أن تكون الدوائر الانتخابية
ظالمة لفئة من الناس، أوَليس من المحير كيف يمكن لأحد أن يقف مع التمييز
بين الناس، أليس من غير المفهوم كيف يؤكد البعض أنه يؤمن بما جاء في
الدستور من أن «الشعب مصدر للسلطات» ويرفض أن تنال الحكومة على ثقة الشعب،
وأن تُطرح مخرجات الحوار للاستفتاء العام؟
بالنسبة إلى القوى
المعارضة فإن هذه الأمور من الحقوق الأساسية للمواطن البحريني، ولذلك فهي
لا تحتاج إلى توافقات، وإنما إلى الإقرار بها سواء في الوقت الحالي أو
المستقبل.
جميل المحاري