مهما حاول البعض اختزال المشكل السياسي في البحرين والأزمة المستمرة
لثلاث سنوات بمجرد الخلاف مع جمعية الوفاق أو المجلس العلمائي بسبب سعي
هاتين الجهتين لتطبيق نظام ولاية الفقيه في البحرين، ومهما حاول إثبات
رؤيته هذه لدى البسطاء فإنه لابد أن يصطدم في تحليله هذا بعدد من الأسئلة
الأساسية التي لا يمكنه الإجابة عنها مهما زوّر الوقائع وخلط الأوراق
واستغبى جمهوره، فعلى الأقل لم نجد حتى الآن تحليلاً منطقياً يمكن من خلاله
أن يؤسس لإقناع الناس بهذه الفرضية البائسة.
وأهم ما يربك الشارع
المتبني لهذه الفرضية هو السؤال عن استماتة السلطة للدخول في حوار مع هذه
الطغمة الباغية التي تتآمر مع جميع دول العالم وتخون الوطن جهاراً، فلماذا
حاولت السلطة الدخول لثلاث مرات حتى الآن في حوار ومفاوضات مع جماعة تسعى
للإطاحة بها؟ ولماذا تصمت السلطة ولا تتخذ الإجراءات القانونية ضد هؤلاء
الخونة؟ ولماذا لا تقطع رأس الفتنة من أساسه ليعود الأمن والاستقرار للوطن
دون تقديم أي تنازلات تصب في نهاية المطاف في تحقيق الأهداف المشبوهة لهذه
الجماعة؟ بل الأدهى من ذلك كيف قَبِل من يوزعون تهم الخيانة بالمجان على
هذه الجماعة أن يجلسوا معها على طاولة الحوار نفسها.
السؤال الآخر
والأكثر غرابة، إن كانت الوفاق والمجلس العلمائي يسعيان إلى إقامة نظام
الولي الفقيه في البحرين، فلماذا تتحالف معها القوى الديمقراطية والعلمانية
التي كانت ومنذ خمسينات القرن الماضي تعمل وتناضل من أجل أن تسود
الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحريات السياسية والشخصية في المجتمع؟
وإلا يتعارض مشروع الولي الفقيه مع مشروع القوى الديمقراطية بحيث يلغي
أحدهما الآخر وبذلك ليس من المفترض أن يكون هناك أي تحالف بينهما وإنما
العكس؟
سؤال آخر نوجهه لمن يدعي أن الوفاق والقوى الديمقراطية
الوطنية المعارضة لا تمثل الشارع البحريني على العموم والشارع الشيعي على
الخصوص، لماذا يستجيب عشرات الآلاف من المواطنين، وبشكل أسبوعي لكل دعوة
لتسيير المظاهرات والاعتصامات في حين لا يملك «المارد» أن يقنع أتباعه، ولو
200 شخص منهم أن يعلنوا موقفهم الوطني المشرف في تظاهرة تنظم ولو كل سنة
مرة واحدة؟
السؤال الآخر وليس الأخير، لماذا تقف أغلب الدول بما فيها
الدول الصديقة والمنظمات الحقوقية في صف المعارضة البحرينية وتطالب الدولة
بتنفيذ إصلاحات جذرية رغم ما أنفقته الدولة من ملايين الدولارات على شركات
العلاقات العامة من أجل تبييض صفحتها لدى المجتمع الدولي؟
ليس من
السهل التحايل على من يملك فكراً حتى وإن كان بسيطاً تبرير كل ذلك بإجابات
ممجوجة وسخيفة تكرر في كل يوم لكي يصدقها الناس، فالحق بيِّن، والكذب مفضوح
مهما طال الزمان.