حسب التصريحات الصادرة مؤخراً من مختلف الجهات المشاركة في الحوار، فإن
على كل طرف من هذه الأطراف أن يقدم مرئياته بشأن الحوار الوطني، وبرنامج
العمل، إلى الديوان الملكي، لتبدأ بعد ذلك جولات الحوار الفعلية في نسختها
الثالثة، بعد أن فشلت النسختان الماضيتان من تحقيق أي شيء يذكر، سوى تفاقم
الخلاف بين جميع الأطراف.
الأيام القليلة المقبلة ستكشف عن مدى جدية
ومصداقية البعض، والذي ظل حتى الآن يراوغ ويتهرب من تقديم أية أفكار أو
حلول، بحجة أن الوقت لم يحن بعد لكشف المرئيات «النووية».
لقد ظل هذا
البعض ولنسمهم بأسمائهم (تجمع الوحدة الوطنية، جمعية المنبر الإسلامي،
وجمعية الأصالة، وتجمع شباب الفاتح) متخبطاً ومتناقضاً في مواقفه وبياناته
وتصريحاته، فمرةً هو يرفض رفضاً باتاً الجلوس مع «الخونة» على طاولة واحدة؛
ومرةً أخرى ينصاع لطلب الحكومة لإجراء الحوار ويقبل على مضض التحاور مع من
يسميهم «الخونة» و»العملاء»، ومرةً يطالب بالتوافق على ما يتم الحوار
عليه، ومرةً رابعةً يرفض تقديم أية تنازلات، ومرة خامسةً يطالب القوى
المعارضة بتقديم الإعتذار، ومرة أخرى يصرح بأنه يشارك المعارضة بـ 80 في
المئة من مطالبها. ومرة يتهم المعارضة بمحاولة إفشال الحوار، ويعود مرةً
أخرى لينسحب من الحوار بحجة عدم رغبة الحكومة في الدخول في جدول أعمال
الحوار.
هذا التخبط لم يقتصر فقط على مواقف هذه الجمعيات من الحوار
والأزمة السياسية الجارية، وإنما حتى علاقاتهم الداخلية وبين بعضهم البعض
أصبحت غير مفهومة لدى الشارع البحريني، فالجميع يدعي أنه من يمثل الشارع
السني، ويتهم الجمعيات «الشقيقة» الأخرى بالإنتهازية السياسية، والتخلي عن
المطالب الأصيلة للشارع البحريني، ولا أحد يفهم على ماذا يختلفون أو على
ماذا يتفقون، بخلاف اتفاقهم على محاربة القوى الوطنية المعارضة ومناكفتها
ومعارضتها في أي شيء تطرحه!
ومع أن الوضع الحالي والتطورات في الفترة
الأخيرة لا تنبئ أن هناك نية صادقة للدخول في حوار جاد ينهي الأزمة، إلا
أن الفترة المقبلة ستلزم الأطراف الأخرى بالكشف عن المزيد من الأوراق التي
أخفتها أو التي لا تمتلكها أصلاً. فليس من المقبول أن تكتفي الجمعيات
الموالية بتقديم مجرد شروط، أو الإصرار على عدم تقديم أية تنازلات، أو
الطلب من القوى المعارضة أن تقدّم اعتذاراً أو تدين العنف، وإنّما المطلوب
منها أكثر من ذلك بكثير.
المطلوب من هذه الجمعيات التي تضيع الوقت،
أن تقدّم مرئيات جادة وحقيقية يمكنها أن تخرج البلد من هذه الأزمة وتعيد
اللحمة الوطنية، وتقدّم البحرين على طريق المزيد من الديمقراطية.
جميل المحاري