سأل مدير ثلاثة موظّفين في العمل: هل 2+2=5؟ فأجاب الأوّل: نعم يا سيدي =
5، وأجاب الثاني: نعم يا سيدي =5 إذا أضفنا لها 1، أما الثالث فقال: لا يا
سيدي خطأ فهي=4! وفي اليوم الثاني لم يجد الموظّفون زميلهم الثالث في
العمل، وبعد السؤال عنه علموا أنه تمّ الاستغناء عن خدماته!
فتعجّب
نائب المدير وقال لمديره: يا سيدي لماذا تمّ الاستغناء عن الثالث، فردّ
قائلاً: أما الأوّل فهو كذّاب ويعلم أنه كذّاب (وهذا النوع مطلوب)، وأما
الثاني فهو ذكي ويعلم أنه ذكي (وهذا النوع مطلوب)، أما الثالث فهو صادق
ويعلم أنّه صادق (وهذا النوع متعب ويصعب التعامل معه)! فسأل المدير نائبه
هل 2+2=5؟ فأجابه: سمعت قولك يا سيدي وعجزت عن تفسيره، فمثلي لا يستطيعون
تفسير قول عالم! فردّ المدير في نفسه قائلاً: وذلك منافق (وهذا النوع
محبوب)!
ما رأيكم في هذه القصّة العجيبة؟ هل ترونها واقعاً فعلياً في
المجتمع؟ هل بتنا في عالم ينافق ويكذب ويلف ويدور في الإجابة خوفاً على
لقمة العيش؟ فالصراحة أصبحت مرفوضة، وسياسة (أنتَ من ونحن من) نعيشها
ونستشعرها في كل حين!
أصبح المخادع والمتمصلح هو الرئيس في العمل،
وأصبح الصادق المنتج المعطي هو المنبوذ في العمل، فكم صادق وجدناه قابعاً
في درجته لا يتحرّك، وكم أفّاق وجدناه يعتلي المناصب في لمح البصر! الدنيا
أصبحت بالمقلوب، فالشريف هو السارق والمنافق والمتمصلح والمفسد، والخائن هو
الصريح والصادق والأمين والمحافظ على الأموال والأملاك!
ومن لا يعرف
كيف يتحايل لا يعرف كيف يصل، والشواهد على ذلك كثيرة، فكم حر يفترش الأرض،
وكم حر رصيده في المصرف ملاليم، وكم حر يعاني الأمرّين بسبب مبادئه
وكرامته، وكم عبد يفترش الحرير ورصيده بالملايين، وتسهل له الأرض ومن
عليها، لا لشيء إلاّ بسبب كذبه ونفاقه وتستّره على المال الحرام!
هل
تتقدّم دولة ما في ظل الفساد المستشري؟ وهل يكفي الوقوف ضد الفساد
والمفسدين بالصوت فقط؟ وهل الخوف على لقمة العيش أقوى من الخوف على قول
كلمة الحق؟ ملفّات كثيرة في الفساد جلّ ما يستطيعه البعض حيالها نشر سخرية
أو نكتة في موقع أو عن طريق شبكات التواصل، ويخاف خوف ربّه من أن يعلم أحد
بأنّه مصدرها، وهناك من لا يخاف ولا يخشى أحداً، فتراه يكشف عن الفساد
والمفسدين ولا يتستر عليهم قط، فشيم العرب هي الكشف عن الفساد، وعن المفسد
والمتمصلح، وهي دليل على حب البشر لأوطانهم، لا عكس ذلك، ومن يحاول قول ذلك
ما هو إلاّ منافق رضي بالذل والهوان.
للأسف أنت ناجح يا منافق! أنت
على طريق العلا يا متمصلح! أنت «راضين» عنك يا كذّاب! ولكن تذكّروا إخواني
بأنّ طريق الحق صعب مرٌّ، ولا يسلكه إلاّ الأحرار، الذين يحبّون أوطانهم
وينظرون إلى مصلحة شعوبهم، وهم في النهاية منتصرون لا محالة. وجمعة مباركة.
مريم الشروقي