جاء نبأ وفاة الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم أمس (الثلثاء)، كالصاعقة على
نفس الكثيرين من المصريين وأبناء الميادين والشوارع العربية من الخليج إلى
المحيط. ومن لا يعرف نجم فقد كان واحداً من ابرز شعراء العامية في مصر ممن
تنبأ بسقوط الدكتاتورية في بلده وممن رأى فيه شباب التحرير رمزاً للتحرر من
قبضة الاستبداد في زمن الربيع العربي.
وهو الشاعر الذي تنبأ عبر
تجربته الشعرية الطويلة بإسقاط الدكتاتورية والمطالبة بالعدالة الاجتماعية.
وشارك نجم في ثورة 25 يناير التي أنهت حكم مبارك في مطلع 2011 ثم كان من
أشد المعارضين لحكم الرئيس محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين
والذي عُزل في الثالث من يوليو/ تموز 2013 بعد احتجاجات حاشدة في عموم
البلاد.
وكان لكلمات نجم الأثر في ثورة الخبز في 18 و19 يناير/ كانون
الثاني 1977 التي سُمِّيَت آنذاك من قبل الرئيس المصري الراحل أنور
السادات بـ «ثورة الحرامية». وكانت هذه الثورة اندلعت عندما شكلت وقود
الانتفاضة الطلابية وقادت أعداداً كبيرة من الشعب المصري في مواجهة السادات
بسبب سياسة الصلح مع «إسرائيل» والانفتاح على الصعيد الاقتصادي.
وقد
شكل نجم مع الشيخ إمام الذي وافته المنية في العام 1996 أهم ثنائي قريب
إلى رجل الشارع البسيط وارتفع رصيد شعبيتهما في حقب مختلفة ولكنه عاد من
جديد مع اندلاع ثورات الربيع العربي في مطلع العام 2011. ولأهمية تأثير نجم
ورفيق دربه الشيخ إمام تم نقل هذه التجربة إلى السينما المصرية بفيلم
«الفاجومي» المقتبس عن أحد ألقاب الشاعر الشعبي نجم وقام بدوره في هذا
الفيلم الفنان المعروف خالد الصاوي في العام 2011.
وفي نهاية أغسطس/
آب الماضي اختارت المجموعة العربية في النداء العالمي من أجل مكافحة الفقر
نجم ليكون ناطقاً في المحافل الدولية باسم فقراء العالم العربي وسفيراً
لفقراء العالم إلى جانب الزعيم الإفريقي نلسون مانديلا. وقال نجم بمناسبة
اختياره بسخريته المعتادة إنه سيشكل حكومة عالمية من وزرائها السيد المسيح
وعلي بن أبي طالب القائل «لو كان الفقر رجلاً لقتلته» وأبو ذر الغفاري
القائل «إذا جاع أحد فلا أمان».
لقد تأثر الشباب المصري بنجم وهو
الذي كان دائم الترديد لكلماته من خلال التظاهرات ولاسيما في ميدان التحرير
إذ وجدوا حقيقة تتكلم عن الواقع الذي لا يريد أي نظام سياسي عربي أن يسمعه
في صورة لا تخلو من السخرية الناقدة للأوضاع.
ونجم الذي توفي أمس عن
عمر ناهز 84 عاماً كان عاشقاً للحرية وناقداً صلباً لا تهزه المواقف.
المصريون تداولوا تغريداته على شبكات التواصل الاجتماعي مع إخوانهم
وأخواتهم العرب من مختلف البلدان في صورة متناغمة وحّدت اللغة والهدف
والهم. أمّا أشعاره فقد كانت موجهة ضد دكتاتوريات الظلم التي انتهكت
ومازالت تنتهك حقوق الإنسان بشتى أنواعها في عالمنا العربي.
ومن
البحرين عرفنا مواقف أحمد فؤاد نجم من خلال نصرته لقضايا حقوق الإنسان
والحرية والعدالة. فقد كان لمواقفه الأثر الجلي في العام 2011 كما كان
لمواقف ابنته الصحافية نوارة نجم باقية حتى اليوم يتذكرها من أحبَّ شعره
وتغريداته من أهل البحرين… من أمثال نجم قلة فقد دفع ثمن إخلاص مواقفه
بسبب كلمة حق ثائرة.
ريم خليفة