منظمة الشفافية الدولية أصدرت أمس تقريرها السنوي حول «مؤشر مدركات
الفساد»، وبالنسبة للبحرين أشار إلى استمرار التراجع في المؤشر للعام
الثاني على التوالي، إذ جاءت في الترتيب 57 عالمياً، والثالثة عربياً
وخليجياً – بعد الإمارات وقطر – متراجعة بذلك ثلاث مراتب عن العام 2012،
حين حلّت في الترتيب 53 عالمياً، بعد أن كانت تحتل الترتيب 46 عالمياً في
العام 2011، وحصلت على 48 من 100 نقطة.
التقرير الذي تصدره منظمة
الشفافية منذ نحو 20 عاماً ربما يسجل ظواهر الأمور، ويضع كل بلد في مرتبة
تحدد ما يمكن التعرف عليه حول مدى انتشار الفساد استناداً إلى تصورات
الخبراء والمتابعين والأطراف المعنية، ومن ثم تحديد الدرجات لـ 177 دولة
(من صفر إلى 100)، حيث يمثل الصفر تصور الخبراء بأن القطاع العام في تلك
البلاد «فاسد للغاية»، والدرجة 100 تعني بأن المعاملات «نظيفة جداً». وعلى
هذا الأساس، فإن الدنمارك ونيوزيلندا تتصدران قائمة الدول التي ينخفض فيها
الفساد في القطاع العام إلى أدنى المستويات؛ بينما أفغانستان وكوريا
الشمالية والصومال تمثل أسوأ ثلاثة بلدان.
والسؤال الذي يطرحه
الكثيرون يدور حول إمكانية قياس الفساد، وكيف يمكن التقاط الفساد الذي ينتج
عن استغلال الوظيفة العامة في الخفاء لتحقيق مكاسب، وكيف تسير الأمور تحت
الطاولة وخلف الأبواب المغلقة، وكيف يمكن التعرف على مدى انتشار هذا
الفساد، وفيما إذا كان ممنهجاً، وجزءاً لا يتجزأ من الطريقة المعتمدة في
هذا البلد أو ذاك.
ومن الجدير بالذكر، فإن المحاكمة الجنائية
المنعقدة حالياً في العاصمة البريطانية (لندن) بشأن قضية فساد «ألبا –
ألكوا» استمعت إلى رجل الأعمال والمتهم الأول في القضية الذي يدافع عن نفسه
قائلاً: إن الرشاوي التي تعتبرها المحكمة فساداً كبيراً، إنما هو النهج
الاعتيادي في بلد مثل البحرين، وبالتالي لا يمكن محاسبته. هذا الكلام يحتوي
على إهانة واضحة، ولكنه وسيلة الدفاع المتوافرة للمتهم الأول لإخراج نفسه
من الورطة التي وقع فيها.
إن المقارنة بين المؤشر وبين ما يجري من
مداولات في هذه القضية أو تلك، توضح أن من المستحيل التعرف على الواقع
الحقيقي للفساد، إذ تدخل التعقيدات الكثيرة في الأنشطة غير المشروعة التي
لا يمكن التعرف عليها إلا من خلال فضائح أو تحقيقات أو ملاحقات قضائية.
وعليه، فإن المؤشر مجرد أداة أولية لتشكيل الأجندة العامة لمكافحة الفساد.
منصور الجمري