“كل عين تعشق حليوة/ وإنتي حلوة في كل عين/ يا حبيبتي أنا قلبي عاشق/ وإسمحيلي بكلمتين/ كلمتين يا مصر يمكن/ هما آخر كلمتين/ حد ضامن يمشي آمن/ أو مِآمن يمشي فين” .
أكان أحمد فؤاد نجم يهجس بالموت حين كتب تلك الأبيات، لتكون صلاة عشقه الأخيرة لمصر التي أحبها، ونذر حياته وشعره من أجلها، كي تكون أبهى وأجمل .
الكاتب والمناضل المصري أحمد بهاء الدين شعبان، الذي جاور إمام في سجن القلعة في مطالع سبعينات القرن العشرين الذي أورد نجم اسمه في إحدى قصائده المغناة من رفيقه الشيخ إمام، كتب أمس على صفحته في “فيس بوك”، يقول: “جزء غالٍ من حياتي وحياة أبناء جيلي والوطن كافة، رحل برحيل صديق العمر والنضال، وصانع البهجة والوجدان والحلم، أحمد فؤاد نجم، اليوم” .
تلخص هذه الكلمات مشاعر الملايين من أجيال مختلفة، على امتداد رقعة هذا الوطن العربي من محيطه حتى خليجه، الذين طالما رددت ألسنتهم ودوت حناجرهم بكلمات نجم، شعراً، أو مغناة بصوت الشيخ إمام، ومنها صاغوا أحلامهم وأشواقهم وتطلعاتهم لمستقبل حر كريم لشعوبهم وأوطانهم العربية .
كانت كلمات نجم وألحان الشيخ إمام هي نشيد النضال، يوم كان النضال جامعاً ومُوحداً، ومفعماً بروح الثورة التي تنتصر للأوطان كاملة، وللشعوب كاملة، ضد عدو واضح، ومن أجل أهداف واضحة، قبل أن تنقسم الأوطان والشعوب إلى ملل وجماعات . كانت بوصلة نجم- إمام هي بوصلة الثورة وكانت إبداعاتهما، كلمات ولحناً، هي روح الشعب ورحيق الحب، التي طبعت زمناً بكامله .
حين هبت ثورة 25 يناير لم يجد معتصمو ميدان التحرير سوى أغاني نجم وإمام لتكون نشيداً للثورة، وكان نجم هناك، ملهماً لأجيال جديدة من شباب مصر لم تكن قد ولدت بعد يوم كتبها أول مرة، ولكنها ظلت بكامل وهجها، كأنها كتبت خصيصاً للشبان والشابات الذين حواهما الميدان .
ظلَّ نجم حتى آخر حياته نموذجاً رائعاً للروح المصرية، في بساطتها وعبقريتها وتلقائيتها، ظلَّ ابن الشعب المصري، والحامل لصفاته، والمعبر عن وجدانه، والقريب من همومه الذي يدرك حتى بالسجية العفوية أن مصر لا يمكن أن ترتهن لإرادة جماعة أو فئة، وألا تقبل بمشاريع العودة للوراء عن منجزها الثوري والتنويري .
لذا كان وقوفه القوي مع إرادة الشعب في 30 يونيو، انسجاماً مع روحه الكارهة لكل استبداد وعسف .