قبل يومين صدر تقرير «متابعة تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة
لتقصي الحقائق»، وتم توزيعه مع صحيفتين محليتين دون ذكر مناسبة صدوره أو
الجهة التي قامت بإصداره، ولماذا اقتصر التوزيع على هاتين الصحيفتين فقط
دون تعميمه على الجميع.
مما يستشفّ من مقدمة التقرير أن هناك «جهازاً
من الخبراء يعمل تحت إشراف وزير العدل» ليكون حلقة اتصال مع جميع الوزارات
والجهات الحكومية المعنية بالتوصيات، هو من قام بإعداد هذا التقرير، وأن
«إصدار هذا التقرير يعتبر بمثابة مصارحة ومكاشفة لشعب المملكة بكل أطيافه
عما تم تنفيذه في كل توصية بكل أمان وشفافية»، ولكننا لم نسمع من قبل شيئاً
عن هذا الجهاز أو ممن يتكون.
وفيما يؤكد التقرير أن من بين 26 توصية
تم تنفيذ 19 توصية بالكامل، وأن العمل يجري لاستكمال تنفيذ التوصيات السبع
المتبقية والتي تم قطع شوط كبير في إجراء تنفيذها، تصرّ القوى المعارضة في
البحرين ومنظمات المجتمع الدولي على أن أغلب التوصيات لم تنفذ بعد ويجب أن
تقوم البحرين بخطوات جادة وحقيقية من أجل ذلك.
في الواقع أن هذا
التقرير والذي جاء في 87 صفحة لا يمكن له أن يقنع أحداً بتنفيذ التوصيات،
فهناك الكثير من التدليس وفي العديد من المواضع، فمثلاً في الفقرة (هـ) من
التوصية رقم 1722 والتي تنص على «أن تقوم الحكومة بصورة عاجلة، وأن تطبق
بشكل قوي برنامجاً لاستيعاب أفراد من كل الطوائف في قوى الأمن» يشير
التقرير إلى أن هذه التوصية تم تنفيذها بالكامل، ويذكر أن «وزارة الداخلية
قامت بتوظيف 577 شخصاً بحرينياً من الجنسين» متغافلا عن عمد ذكر أن هؤلاء
الأشخاص الذين تم توظيفهم في شرطة المجتمع وظفوا قبل الأحداث وقبل صدور
التوصيات بسنوات طويلة، كما يتغافل ذكر التوظيف في قوة دفاع البحرين.
المضحك
ما جاء بخصوص تنفيذ التوصية رقم 1725 الفقرة (ب) والتي تنص على «توصي
اللجنة حكومة البحرين بضرورة إعداد برنامج للمصالحة الوطنية يتناول مظالم
المجموعات التي تعتقد أنها تعاني من الحرمان من المساواة في الحقوق
السياسية والاجتماعية والاقتصادية بغية أن تعم الفائدة منها على جميع طوائف
الشعب البحريني»، ويذكر التقرير أنه «تم بالفعل البدء في تنفيذ التوصية
وتصميم البرامج اللازمة، ويذكر التقرير ما قامت به الحكومة في هذا الإطار
ومن بين ذلك «مهرجان يوم الصحة العالمي تحت شعار تحكم في ضغط الدم، اليوم
العالمي لمكافحة التدخين، ندوة مكافحة سرطان الثدي، المسابقة الثقافية
الرمضانية…»، يبدو أن الحكومة تؤمن أن المصالحة الوطنية الصحيحة تبدأ
بصحة المواطنين، فالعقل السليم في الجسم السليم.
بعد كل هذا الجهد من قبل الدولة، هل يمكن لأحد أن يطالب الدولة بالجدية في تنفيذ التوصيات؟