أولى جلسات محاكمة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي و14 متهماً آخرين
بدأت أمس في قضية التحريض على قتل متظاهرين، وكانت السلطات المصرية قد قررت
فجأة نقل مقر المحاكمة من مجمع سجون طرة، جنوبي القاهرة، إلى أكاديمية
الشرطة، شرقي المدينة، فيما أعلنت أسرة الرئيس المعزول عدم حضورها المحاكمة
«لعدم شرعيتها». وكانت محاكمة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك تجرى في
أكاديمية الشرطة، ولربما لم يكن ذلك صدفة.
وبحسب ما ذكرته الـ «بي بي
سي»، فإن المواطنين المصريين يشعرون بالقلق مما قد تأتي به الأيام
المقبلة، ويتوقعون أن تعمِّق محاكمة مرسي الخلافات بين المصريين، وأن
تسبِّب المزيد من التوتر والصدامات، مع دوامة من العنف السياسي. إن
المحاكمات التي تجرى هكذا لا تؤسس لحكم القانون، فالقانون يأتي لحماية حياة
سياسية متفقٍ عليها، أمّا إذا تحول القانون والقضاء إلى أداة بيد طرف داخل
الوطن ضد طرف آخر، فإنه يتحول إلى وسيلة انتقام.
في زمن مضى كانت
الحياة تسير على أساس «العين بالعين والسن بالسن»، لكن هذا الطرح في زماننا
يؤدي إلى أن تفقد مؤسسات الدولة قيمتها؛ لأنها تتحول لمجرد أسلحة يلجأ
إليها من بيده السُّلطة للانتقام من خصومه، ولتذكير الآخرين المخالفين له
بأن لا أحد يمكنه أن يقف أمامه. في هذه الحال؛ فإنَّ المجتمع لا يعيش تحت
سيادة القانون، وإنما تحت نقمة السُّلطة التي تربط إنزال العقوبات، أو عدم
الاكتراث بتطبيق أية عقوبة، بحسب متطلباتها السُّلطوية الهادفة إلى إحكام
هيمنتها على حياة النَّاس، لكن الانتقام لا ينشر العدالة في أي مجتمع،
وإنما ينشر الرعب، ويتسبب في انعدام الاستقرار.
ولذلك، فإنَّ البلدان
التي تمرُّ بمشكلات سياسية ينقسم عليها الناس، فإن الأفضل لها أن تنتهج
عملية سياسية تعتمد على قول الحقيقة والتصالح، ومن ثم الانطلاق على أرضية
موحدة للتقاضي أمام مؤسسات لا تميز بين الجماعات والفئات، وإنما تستهدف
إحقاق العدالة وتثبيت سيادة القانون بصورة متساوية للجميع.